لمناسبة الذكرى 28 لإستشهاد المفكر عزيز السيد جاسم
بغداد – الصباح الجديد:
تسلمت وزارة الثقافة مطالب نقابة الصحفيين العراقيين ومركز عزيز السيد جاسم للبحوث والدراسات ومطالب نحو 300 اديب وصحفي وفنان واكاديمي ومثقف لأحياء منجز ونتاج المفكر الشهيد عزيز السيد جاسم كجزء من الوفاء لرموز العراق اسوة بالدول المتقدمة التي تحيي وتعتز برموزها ومفكريها ومناضليها.
واحتشد عشرات المثقفين والمبدعين في شتى ميادين المعرفة والثقافة لاحياء الذكرى الثامنة والعشرين لتغييب واستشهاد المفكر عزيز السيد جاسم في الحفل الذي اقامته نقابة الصحفيين العراقيين في نادي العلوية واداره الناقد علوان السلمان.
وقال نجل الشهيد الكاتب والصحفي علي عزيز السيد جاسم في تصريح امس ان (ممثلة اعلام وزارة الثقافة تسلمت مطالب المحتفين لرفعها الى السيد الوزير عبد الامير الحمداني كما طالب المحتفون السيد رئيس الوزراء الدكتور عادل عبد المهدي بتخصيص مبنى ليكون مركز عزيز السيد جاسم للبحوث والدراسات يضم مكتبته التي تحتوي على نحو عشرة آلاف كتاب ودوريات ومجلات قديمة فضلا عن مقتنيات ونتاج ومؤلفات المفكر ليفيد منها الباحثون والدارسون وتكون مزارا لهم كما شملت المطالب اعادة طبع مؤلفات المفكر ضمن مجموعة كاملة وتدرج سيرته وابداعه ضمن المناهج التربوية والتعليمية الرسمية واطلاق اسمه على شارع او ساحة رئيسة في بغداد والناصرية وانجاز نصب تمثاله المخزون لدى وزارة الثقافة منذ اطلاق مشروع بغداد عاصمة الثقافة قبل سنوات اضافة الى مطالبة محافظة ذي قار بأعادة صب وتأهيل التمثال النصفي للسيد جاسم في قضاء النصر والذي يعاني من عدم الاهتمام.
وايد نائب النقيب الاستاذ جبار اطراد الشمري مطالب المثقفين وتبناها في كلمته التي اكد فيها ضرورة احياء تراث المغيّب واعادة قراءة نتاجه وفكره لما فيه من اهمية بالغة في رفد الكلمة الحرة بالمواقف الشجاعة ، ناقلا تحيات رئيس اتحاد الصحفيين العرب ، نقيب الصحفيين العراقيين مؤيد اللامي الذي اعتذر عن الحضور لسفره خارج البلد.
وتطرق الاديب والصحفي عبد الرحمن طهمازي الى اشكالية العلاقة بين المثقف والسلطة وعلاقة السلطة بالمثقف وكيف يمكن ان تستمر هذه العلاقة وكيف لها ان تنتهي حيث يحدثنا التاريخ القديم عن افلاطون وعلاقته بسلسلة الطغاة الثلاثين الذين حطموا اثنا وقصصا كثيرة عن مثقفين مختلفين المشارب والمذاهب اجبروا او اختاروا علاقة ما لكن السلطة تقول لنفسها كما يقول شكسبير لماكبث (السلطة او الموت) ، وكان عزيز السيد جاسم في قلب هذه المشكلة ، كان يقاومها ويعانيها في نفس الوقت وفي كل ما كتبه وبخاصة روايته الزهر الشقي؟ كان شيء ما ينبثق ويتفتح في ذهن الفقيد لان حساسيته الوطنية والكونية كانت عالية جدا ، كان مزيجا من الشاعر والفيلسوف وممارس كل الفعاليات الممكنة التي تشرفه ان يكون مندمجا بالحياة اليومية والحرية الفردية والعامة كان شخصا حيا ارفع من الكائن العابر.وفي لحظة واضحة اودت السلطة بعزيز السيد جاسم الذي لن يكون اسمه مكتوبا على ماء ، لقد عانى من السلطة وعانت منه السلطة ومثله سيكون حيا ابدا.
وقال رئيس تحرير صحيفة الدستور الاستاذ باسم الشيخ في كلمته بالمناسبة انه في بدايات عملي الصحفي قرأت كتاب عزيز السيد جاسم عن صناعة الخبر وتأثرت به ، كما قرأت له لاحقا كتاباته في الفكر والادب ، وقد لا نوفي المفكر حقه في كلماتنا الا اننا نشد على يد نجله لنحث الخطى لاحياء تراث المفكر بما يليق به ويليق بتضحياته وابداعه.
والقى الاديب والصحفي عضو مجلس النواب العراقي الاستاذ وجيه عباس قصيدة بعنوان (من غيبتين ووجه فيك لم يغب) ، واكد الباحث والمؤرخ ثامر العامري ان السيد جاسم استطاع ان يمزج بين الكثير من الاشتراكيات الماركسية رغم محيطه الفلاحي والديني الذي تربى عليه وخرج بهذا المزيج بفلسفة جديدة لم يسبقه احد بها ولقد تحولت هذه الفلسفة الى نقمة عليه ، فهو حمامة سلام لا يؤمن ابدا بأسلحة التدمير ليواجه بها اسلحة خصومه ، كان شاغله ونتاجه فيضه الابداعي في مختلف مدارس الادب والسياسة ، ولقد ارعبتهم افكاره وافزعتهم كتاباته ، وبفقدانه فقد الادباء والمؤرخون علما من اعلام العراق الذي اختطفته الاجهزة القمعية التابعة للدكتاتورية.
واستذكر الكاتب والصحفي جمال العتابي البدايات الاولى للسيد جاسم في ناحية النصر بمحافظة ذي قار وعمله في مجلة الناصرية واستعرض العديد من مواقف النبوغ المبكر لدى السيد جاسم في سن مبكرة من عمره في منتصف خمسينات القرن الماضي.
ولفت رئيس رابطة التطوير الاعلامي في العراق الكاتب والصحفي عماد آل جلال في مداخلته بالمناسبة الى ان السيد جاسم كان يحمل رسالته الخاصة واتسم نهجه البحثي بعقل مؤمن بالديمقراطية كما تبين في عدد من كتبه التي لم يرض النظام عنها ، كما وظف السيد جاسم خزينه الفكري وتجاربه في خدمة امته ووطنه ، لهذا كان لامعا ومستهدفا من الاخرين اما عن غيرة او حسد.
والقى الشاعر الكبير كاظم عبد الله العبودي قصيدة بعنوان (في كل ذكرى) بعدها جاءت مداخلة الكاتب والحقوقي المعروف طارق حرب حيث اكد ان عزيز السيد جاسم جمع العديد من الملاكات المعرفية النادرة ولم نشهد مثل قدرته ونتاجه وابداعه وبراعته على طول خمس عقود او اكثر ، انه صاحب يراع وقدرة وتمكن في الثقافة والعلم والمعرفة والفكر والتصوف وقد قرأت كتابه متصوفة بغداد اكثر من عشرة مرات ، فهو اغريقي العلم وتنطبق عليه ما قاله اخوان الصفا في تعريف المثقف ، كان صاحب بصيرة وتنبوء بما سيكون وليس بما هو كائن.
وشدد مدير مؤسسة التوحيد الثقافية الناشط علي القريشي في كلمته على ان الشهيد عزيز السيد جاسم طلب الشهادة واختارها مصمما في وقت كان باستطاعته دفع القتل عن نفسه بثمن ، الا انه ختم حياته باشرف خاتمة يسعى لها العقلاء تاركا اسفارا كثيرة ومتعددة لنفيد منها ، لكن للاسف فان الكثير منها لم ير النور ما خلا القليل ، فقد تم تغييبه من النظام معنويا وماديا وكذلك تم تغييبه فيما بعد عن الساحة الثقافية والاعلامية.
مختتما بالقول ان (الوفاء للشهداء يكون بنصرة مبادئهم السامية الشريفة التي ضحوا من اجلها واقتفاء اثارهم والمضي على ما مضوا عليه )
وشهد الحفل القاء قصيدة للشاعر جبار الربيعي وقصيدة للشاعر احمد الدراجي وبرقيات من الصحفي المخضرم زيد الحلي والقاص المغترب جمعة اللامي والاكاديمي والصحفي اكرم سالم.