طوال عقود من الزمن بقي العراق تحت وطأة الظروف الاستثنائية وشغلت الحروب التي شنها النظام السابق مؤسسات الدولة العراقية ووضعت المسؤولين والوزراء في خانق ضيق اضعف كثيرا من الامكانات العراقية في رسم مستقبل سياسي واقتصادي للبلاد وتسببت هذه الحروب في التفريط بالكثير من الحقوق والمكتسبات على الصعد المختلفة وفي الوقت نفسه شجعت الدول المجاورة على استثمار الازمات والحروب والظروف الاستثنائية للصعود بسقف مطالبها في المباحثات التي جرت على مدار السنوات الماضية وفرض بعض الاملاءات والشروط على المفاوض العراقي والضغط عليه من اجل الدفع بمصالح تلك الدول على حساب المصالح العراقية.
ومنذ سقوط النظام السابق ورثت الوزارات العراقية عامة ووزارة الخارجية خاصة ملفات كثيرة تمثل تركة ثقيلة لحقبة طويلة سادت فيها عناوين التأزيم والتوتر والضعف وسوء الظن وفقدان الثقة بين العراق وجيرانه من دون ان تكون هناك قاعدة قوية ومستقرة لبناء العلاقات الثنائية مع دول الجوار العربية منها والاسلامية والاجنبية ومثلت قضايا ترسيم الحدود البرية والاستثمار في الابار النفطية المشتركة والحدود البحرية والنهرية وتحديد خطوط الملاحة والاستثمار في الموانئ والاتفاقيات العسكرية والامنية بشأن المطلوبين وتواجد بعض الحركات المسلحة وايواء المعارضين للأنظمة السياسية والتبادل التجاري والسياحة مثلت صدارة الاهتمام في جداول الاعمال لزيارات رؤساء الدول ورؤساء الحكومات الاخيرة الى العراق ومنذ خروج العراق منتصرا في حربه الطويلة مع الارهاب تغيرت كثيرا مسارات التعامل السياسي وباتت دول العالم تنظر الى العراق كبلد قوي وقادر على مواجهة التحديات وايجاد الحلول للمشكلات الداخلية والخارجية التي يواجهها وهذا يحتم تغيير اساليب التعامل السياسي مع حكومته والنظر الى المفاوضين السياسيين فيه بمنظار آخر وفي الوقت نفسه فان مطالبات العراق بمراجعة الكثير من الاتفاقيات والمعاهدات مع الدول المجاورة التي تم فرضها العراق في ظروف مصيرية صعبة هي مطالبات مشروعة ويجب ان يحترم العالم ارادة العراقيين بالتحرر من القيود التي فرضت عليهم مع اختلاف الظروف السياسية والامنية والاقتصادية في المنطقة التي يتعزز دور العراق الحيوي والمحوري فيها وبما يرسخ من الاستقرار والطمأنينة في محيط العراق الاقليمي وبما يعود بالنفع على شعوب المنطقة جميعا على وفق هذا المنظار وهذه الرؤية نترجم رسائل الزيارات الى العراق من قبل قادة الدول واهتمامهم بهذا البلد وكل ما نطلبه من المفاوض العراقي في الغرف السياسية هو ان يؤمن وان يدرك بانه يجب ان يتحدث اليوم بلسان الواثق وبروحية المطمئن وبشجاعة المنتصر وبحكمة المجرب بما يضمن اعادة حقوق العراق المسلوبة او المنتهكة .
د. علي شمخي