الأمطار الرعدية تنعش تجارتة
متابعة الصباح الجديد:
بعد انحساره خلال العامين الماضيين بسبب شح الأمطار الرعدية عاد الكمأ بكميات كبيرة إلى أسواق بغداد والمحافظات العراقية وسط إقبال واسع على استهلاكه من قبل المواطنين بالرغم من ارتفاع أسعاره، وقد أوجد الكمأ فرص عمل مؤقتة لمئات الأشخاص الذين انهمكوا في البحث عنه في مناطق صحراوية لا تخلو من الألغام.
وفي مناطق شتى من بغداد الان فأن الكمأ هو (البضاعة) التي تمثل علامة فارقة بين الفواكه والخضر، يعرض على عربات او يفرش على الارض بشكل يغري العابرين للتطلع اليه والاستفسار عن سعره ومن ثم اجراء محاولات لتقليل السعر او شراء نصف كيلو من النوع الجيد او كيلو من الحجم الصغير، فيما البائع يحاول اغراء البعض بشراء الاقل سعرا لانه من النوع غير الجيد، وفي اغلب الاوقات تراه وكأنه يتباهى ببيع الكمأ سيما وهو ينادي (ذهب يا جمه / الكلمة باللهجة العامية) .. وحين سألت احد الباعة عن بيعه اليومي قال خير والحمد لله لكنه استدرك قائلا الفقراء يتفرجون بحسرة فيما الاغنياء يشترونه، فقد اضر زمن التقشف الحالي ببيعه فهناك القليلون الذين يشترونه وخاصة الذين يعرفون فوائده والذين تعودوا على شرائه كل سنة، ولا اخفي عليك البعض اعتقده بطاطا!.
بائع اخر قال عن مصدر الكمأ الذي يبيعه من صحراء السماوة الجنوبية، لان باديتها ارض يعشقها الكمأ بعد ان حرمتنا الظروف من الحصول على كمأ المنطقة الغربية في اشارة الى سيطرة تنظيم داعش عليها والعمليات العسكرية الجارية فيها. وعمن يشتري منه الكمأ قال كل مكونات الشعب العراقي، ثم اردف: الكمأ موسمي وهناك اناس ينتظرونه فيشتروه مهما كان ثمنه لانهم يعرفون قيمته وهناك من يعده من باب تغيير الاكل فمرة في السنة لا تؤثر على ميزانية البيت ثم ان فيه فوائد لو يعرفها الناس لاشتروه كلهم فهو يحمي القلب من الجلطة ويشفي العيون من الرمد.
وعن الاسعار قال انها تتراوح ما بين 10 الاف دينار (نحو 8 دولارات) الى 70 الف دينار (اكثر من 50 دولار)، وهذه الاسعار حسب نوعية الكمأ وحجمه فهناك ذو حجم كبير وهناك ذو حجم صغير وصغير جدا.
وقال جبار كريم، احد ابناء محافظة السماوة عن الكمأ عندهم هذه السنة فقال: بصراحة .. صار الداخل الى المحافظة لا يسمع الا حديث الكمأ ولا يرى الا اعدادا كبيرة منه على الارصفة وفي الاسواق بل وتقوم له ساحات بيع وتجار ومضاربون ومعاملات بيع وشرار وتصدير.
واضاف: قبل هذه الايام ومع البرق والرعد والامطار هب الكثير من مواطني المحافظة وسواهم الى البادية زرافات ووحدانا بحثا عن الكمأ، استقلوا سياراتهم وحملوا معداتهم وتسابقوا نحو المساحات الشاسة لبادية السماوة يقضون الليالي والايام ولا يوقفهم الا نفاد الطعام وكمية المحصول.
وعن خبرته في بيع الكمأ قال في مدينة (القائم) احدى مدن محافظة الانبار كنا على الحدود السورية نذهب بالعشرات مع متاعنا وخيامنا لمدة لا تقل عن اربعة ايام بلياليها بحثا عنه في اعماق الصحراء والى ما فوق منطقة (الرطبة) بـ 120 كم ونحمل ما نحصل عليه ويصل مبيعات البعض منها الى الملايين من الدنانير.
فيما قال أحد تجار الكمأ في سوق قضاء الزبير ويدعى قاسم محمد إن «الكمأ كان نادراً في أسواق البصرة خلال العامين الماضيين بسبب قلة الأمطار الرعدية، ولكن خلال العام الحالي توفر بكثرة، بحيث يشهد سوق الزبير يومياً بيع ما لا يقل عن ثمانية أطنان، أكثرها تذهب الى أسواق البصرة، وبعضها الى دولة الكويت عبر منفذ سفوان الحدودي»، مبيناً أن «تصدير كميات من الكمأ العراقي بشكل شبه يومي إلى الكويت أدى إلى ارتفاع أسعاره في أسواق البصرة».
ولفت محمد، إلى أن «أسعار الكمأ تختلف بحسب النوع والحجم والمنطقة التي يجلب منها»، مضيفاً أن «أهالي البصرة والكويت يفضلون الكمأ (الزبيدي) الذي يصل سعر الكيلو غرام منه الى 22 ألف دينار، وهو أفضل من الكمأ (الخلاصي) الذي يتراوح سعر الكيلو غرام منه ما بين ألف الى عشرة آلاف دينار».
وأكد محمد أن «سوق الزبير تعد مركزاً لتجارة الكمأ لقرب القضاء من البادية، ويومياً تشهد السوق مزادات لبيع الكمأ بالجملة»، موضحاً أن «جمع الكمأ من البادية ونقله وبيعه في الأسواق أوجد فرص عمل مؤقتة لمئات الأشخاص».
بدوره، قال بائع الكمأ في سوق الزبير حمود ثجيل الشريفي في حديث لـ السومرية نيوز، إن «العاملين في البحث عن الكمأ أكثرهم من عشائر البدور والجشعم والشريفات، وهم يبذلون جهوداً مضنية ويتعرضون إلى مخاطر خلال رحلات البحث عن الكمأ»، موضحاً أن «المناطق الصحراوية التي يوجد فيها الكمأ بوفرة تحتوي على ألغام خلفتها الحروب، وبخاصة المناطق القريبة من الشريط الحدودي بين العراق والسعودية، وأحد الباحثين عن الكمأ لقي مصرعه قبل أيام بانفجار لغم أرضي».
يشار الى أن الكمأ هو فطر بري موسمي ينمو في الصحراء بعد تساقط الأمطار، والأمطار وحدها ليست كافية لظهور الكمأ ما لم يرافقها البرق والرعد، ولذلك يطلق على الكمأ في بعض دول الخليج اسم (بنات الرعد).