د.علي شمخي
(باقة فجل لاتحلين …قرصة خبز لاتثلمين ..اكلي حتى تشبعين ..!!) انطلق من هذا المثل الشعبي العراقي وانا اقرأ الشروط التي يضعها زعماء او ممثلو بعض الائتلافات او الكتل او الاحزاب الطامحين بتشكيل الحكومة المقبلة والرغبة المحمومة للاستئثار بكل مفاصل هذا الاستحقاق والخوف من مشاركة الاخرين له وبالرغم من الدعوات المتكررة الصادرة من ممثلي المرجعية الدينية في العراق وممثلي الامم المتحدة والدول الصديقة للعراق ومن هم حريصون على سرعة تشكيل الحكومة المقبلة وتقديمهم المقترحات والافكار من اجل هذا الهدف الا ان مايبعث على الاحباط هو عدم التعاطي معها بشكل ايجابي من قبل قادة الاحزاب وممثليهم فالعراقيون جلهم اليوم مصابون بالدوارولايستشرفون في الافق اية حلول قريبة لهذا المشكل الذي اصبحوا معتادين على التعايش معه مع كل نهاية للانتخابات التشريعية ومايلفت الانتباه ان جل الدعوات والتصريحات التي نسمعها كل يوم من هؤلاء لحلحلة ازمة تشكيل الحكومة واختيار رؤساء السلطات الثلاث لاتتعدى التهديدات والتلويحات بالقدرة على الوثوب على سدة هذه المناصب وعدم حاجته للاستعانة بتحالفات مع الاخرين ومواصلة الاصرار على الاحقية الرقمية لتشكيل الحكومة وعدم الالتفات لدعوات لملمة الخلافات فيما تطرح كتل واحزاب اخرى حلولا هي اشبه بقوالب جاهزة يجري تقديمها كوصفة ناجحة في كل دورة انتخابية ولكنها تعيد انتاجها وتدور في دوامة لاتنتهي …فهناك من يرغب في حكومة شراكة وطنية لاتستثني احداً او تهمش فئة وهذا يعني بالتأكيد اللجوء الى نظام المحاصصة من جديد….!! وهناك من يريد حكومة منسجمة وشراكة للاقوياء ..!! وهذا يعني فقدان وتغييب اي دور للمعارضة الفعالة التي يمكنها ان تكون رقيباً قوياً يقوم اداء وعمل مؤسسات الدولة بشتى عناوينها لاتسطيع فيه الكتل والاحزاب الصغيرة وحدها النهوض فيه بالتأكيد.. وهناك من يحث على ضرورة الحوار بين الكتل والجلوس على مائدة التفاوض وهذا يعني اننا بانتظار شوط طويل للوصول الى حسم تشكيل مثل هذه الحكومة …اما من يبحثون ويؤمنون بتشكيل حكومة الاغلبية فهؤلاء يجهلون الاثار المترتبة على تشكيل مثل هذه الحكومة في ظل التناقضات الواسعة التي تحيد بالمشهد العراقي ولايقدرون عواقب المجازفة لتشكيل مثل هكذا حكومة في بلد ما تزال السجالات والمناكفات والخلافات تمزق أية محاولات لتحقيق التقارب في مشاريع احزابه المنضوية في العملية السياسية فتشكيل مثل هكذا حكومة لربما سيكون ميسراً لمن نال اغلبية كبيرة من اصوات الناخبين وقادر على التحالف مع صغيرة اخرى لكن نجاح مثل هكذا حكومة على المدى الطويل غير مأمون وغير مضمون بمقاطعة كتل واحزاب مهمة اخرى ممثلة في البرلمان العراقي ومن دون تقديم التضحيات والتنازلات والايمان بضرورة فتح صفحة جديدة من التعاون بين الاحزاب والكيانات وفسح المجال للاخرين لاداء ادوارهم وعكس تجربتهم على طريق التداول السلمي للسلطة ومن دون الاقرار بفشل من تقلدوا مقاليد السلطة في تقديم الخدمة للشعب العراقي في مواضع عديدة خلال السنوات السابقة من غير ذلك سيظل السياسيون في العراق يدورون في فلك ودوامة سمجة يخدعون بها انفسهم قبل ان يخدعوا ابناء الشعب العراقي الذي يريد من هؤلاء اختصار الطريق والعناء نحو هذا الاستحقاق…!!