صادق باخان *
هكذا اذن انتهى العرس الانتخابي الذي اقامه العراقيون برغم الجماعات الارهابية في الثلاثين من نيسان واعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات يوم الاثنين 19 ايار 2014 نتائج الانتخابات البرلمانية فظهر ائتلاف دولة القانون كأكبر فائز فيها وبهذا فان السيد نوري المالكي يقترب من الفوز بولاية ثالثة بصفة رئيس للوزراء ومماعزز هذا الاعتقاد قول المستشار الاعلامي لنوري المالكي السيد علي الموسوي بأن نتائج الانتخابات جاءت بوصفها استفتاءً شعبياً على الولاية الثالثة ، لكن السيد نوري المالكي ، كما يبدو ، يواجه تحديات لتشكيل تحالف حاكم مع الكتل الاخرى مع تصاعد حدة العنف وبالتالي فان هذه العملية قد تستغرق عدة شهور .
والامر المهم ان مجلس الامن الدولي رحب في بيان اصدره باعلان نتائج الانتخابات ودعا الكتل الى الاسراع بتشكيل الحكومة والعمل على اطلاق عملية سياسية شاملة تعزز الوحدة الوطنية وتؤكد على سيادة واستقلال العراق .
من الطبيعي ان تخرج اصوات او آراء تثير الغبار في العيون ومن ذلك ما قالته صحيفة الواشنطن بوست الاميركية بانه لا يتوقع ائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي ضمان اغلبية 165 مقعداً في البرلمان المكون من 328 مقعداً لكن ما زال ، والكلام لواشنطن بوست ، على السيد نوري المالكي التواصل مع بقية الاطراف لتشكيل اغلبية اوسع للحصول على اسبقية تشكيل الحكومة ومع ذلك فان المقاعد البالغة 92 التي تجاوزتها كتلته تزيد من فرصه في التمسك بمنصب رئيس الوزراء بحسب الواشنطن بوست .
حسناً ،وكما ترون بأن الصورة تكاد تبدو واضحة برغم ضبابية المشهد السياسي والامر الاكثر اهمية ان الحكومة الجديدة التي لا يعلم احد متى سيتم تشكيلها ستواجه جملة من التحديات الداخلية ولعل اهمها تشريع قانون النفط والغاز والازمة مع حكومة اقليم كردستان بخاصة غداة التصعيد الاخير مع تركيا التي لجأت الى شراء النفط من الاقليم من دون موافقة الحكومة الاتحادية وانتشار الامية ومواجهة البطالة التي تعد أم المشكلات الاجتماعية في المجتمع العراقي في بلد يستلقي على بحيرات من النفط والغاز ويمكن للجماعات الارهابية ان تستغل العاطلين عن العمل وتغريهم بالمال وتجندهم للقيام باعمال تخريبية خاصة ان الارهاب بدأ يركز اعماله على التخريب الاقتصادي وخير شاهد على ذلك العمل التخريبي الذي طال الانبوب الذي ينقل النفط من كركوك الى ميناء جيهان التركي .
وبالنظر الى خطورة مشكلة البطالة فقد خاطب فيلسوف الماني السياسيين الالمان بالقول ان شئتم القضاء على مشكلاتكم السياسية فان عليكم اولا القضاء على البطالة ، كما ترون فان البطالة باتت تهدد ما تبقى من النسيج الاجتماعي وستكون لها تداعيات خطيرة على المستويات كافة ومن ذلك ما اعلنته وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بأن نسبة البطالة في العراق تتجاوز 46% من عدد سكانه وعلق نصار الربيعي وزير العمل والشؤون الاجتماعية على ذلك بالقول بان هذا الامر خطير ويتطلب دعماً كبيراً من الدولة والقطاع الخاص خاصة وان اكثر من 300 الف شاب يدخل سوق العمل سنوياً ، واضاف بان الوزارة قدمت خلال السنوات الثلاث الماضية 36 مشروع قانون الى مجلس النواب تم اقرار 18 منها ، واين البقية يا ترى ؟
هل نلقي التبعة على مجلس النواب الذي تحول الى هايد بارك عراقي والذي فشل في التوصل الى اقرار الموازنة العامة ؟
بالتأكيد ان الحكومة الجديدة ستواجه نفسها امام تحديات جسام وعسى ولعل ان لا يعاد سيناريو الاعوام الماضية الذي حفل بالصراعات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية الامر الذي ادى الى تعطيل مشاريع استراتيجية كان من الممكن في حالة تمريرها ان تنقل العراق من حال الخراب الى حال الازدهار ، ومن ذلك فان على الحكومة الجديدة ان تولي البطالة الاولوية في مشاريعها وان تعمد الى تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط فقط وان تركز جهودها على اقامة المصانع وتأهيل القطاع الزراعي والاهتمام بصناعة السياحة وتشجيع القطاع الخاص وسن قوانين جديدة تعمل على نهضة المصارف الاهلية الى جانب المصارف الحكومية وبهذه الاجراءات يمكن للحكومة الجديدة ان تحتوي مشكلة البطالة بايجاد فرص العمل للعاطلين عن العمل بخاصة لخريجي الكليات ، ومن المثير ان نرى اليابان لا تمتلك بئراً نفطية واحدة لكنها تعد ثالث بلد في تقدمها الاقتصادي ، فاين يكمن الخلل ؟ تلك هي القضية وما تبقى هي الراحة .
*من اشرة تحرير الصباح الجديد