بغداد – الصباح الجديد:
كثيرة الظواهر التي اتخذت من وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة للانتشار والتمدد داخل المجتمع وأفراده، منها ظواهر إيجابية، مثل استخدام تلك الوسائل، خصوصا موقع ” فيس بوك” لكسب الرزق من خلال الاعلان عن منتجات وبضائع مستوردة أو حتى يتم صنعها من قبل المعلن، وهناك من يستخدم الفيس بوك، للترويج لأغراض لا أخلاقية، وحتى تصل الى مستوى الجريمة. ومن تلك الظواهر اللافتة والتي انتشرت مؤخرا هي التسول الالكتروني، حيث هنالك مجاميع أو ما يسمى ” كروبات” تحت مسميات ” مساعدة المحتاجين والفقراء” ودعم الأيتام والمساكين” نجد في تلك المجاميع، منشورات مختلفة، يدعو أصحابها الى المساعدة المادية، أغلبها حسابات تعود لنساء. نجد مثلا حسابات ينشر” أرملة، وصاحبة أيتام، ولا أملك ثمن العشاء أو أنا مريضة وبحاجة الى دواء” وغيرها من المنشورات المشابهة والتي تطلب مساعدة مالية في أغلب الأحيان وبعضها عينية، كالمواد الغذائية والخبز.
مواطنون تحدثوا لنا: هذه الظاهرة السلبية لها دلالات كثيرة على المجتمع، وهي أكثر من مجرد تسول، فهي حالة غير حضارية، وأحد الأساليب التي تستخدم للوصول الى جني الأموال بشكل مريح، دون عناء.
عباس الجنابي ” أبو أحمد” تحدث لنا عن تجربته مع طالبي المساعدة في الفيس بوك قائلا: في إحدى المرات، وبينما اتصفح موقع ” فيس بوك” لفت نظري منشور لحساب وهمي يطلب فيه مساعدة عينية عاجلة، لأم تدعي أنها صاحبة أيتام، ولا تملك أي غذاء في البيت! وقتها راسلت الصفحة وأبديت استعدادي لمساعدتها فعلا، لكن لاحظت أنها تطلب أمورا كثيرة، لا تدل على أنها فعلا محتاجة، إذ طلبت مني في إحدى المرات أن اشتري لها عطور ومواد تجميل!!
محمد خليف الجنابي، موظف حكومي، أوضح لنا أن هنالك من يتابع ما ينشر في تلك المجموعات، وأي حساب ينشر طالبا للمساعدة، وهي حسابات تعود في الغالب الى نساء، فيدخلون لها، ويطلبون منهن أمورا لا أخلاقية مقابل المساعدة! وكثيرا ما لاحظت منشورات تشكو من الاستغلال غير الأخلاقي لتلك الشريحة.
وأضاف لنا: هنالك نساء يسعين للحصول على الأموال بطريقة سهلة، حيث يطلبن مساعدة مالية، ويشترطن أن تكون مالية أو على شكل رصيد موبايل، ولا تقبل بالمواد العينية، وللأسف قد يتعرضن للكلام الخادش للحياء، أو هنّ بالمقابل، يستخدمن تلك الوسائل لتوريط الشخص الذي يتقدم طلبا للمساعدة بصدق، بغية الحصول على المزيد من الأموال، وأذكر حادثة في إحدى المناطق، كنت شاهدا عليها وهي قيام شاب بمراسلة حساب طلب المساعدة، فاتفق مع صاحبة الحساب على أن يقوم بجلب المساعدات الى بيتها، وعندما طرق الباب، طلبت منه الدخول لرؤية واقعهم المعيشي لكي يقتنع أكثر بسوء وضعهم المادي، لكن ما إن دخل حتى وجد أشخاصا كثيرين بداخل البيت، قاموا بتهديده بأنهم سوف يقيمون الشكوى ضده، بتهمة وجود علاقة بينه وبين ابنتهم، إلا إذا دفع لهم مبلغا ماليا ضخما، وفعلا دفع المسكين أموالا لهم، مقابل سكوتهم، خوفا من الفضيحة والعواقب!
إن من ضمن البرنامج الحكومي، هو السعي لشمول أكبر عدد من العوائل المتعففة بالإعانات الاجتماعية والرعاية، وهو ما يحصل على أرض الواقع، رغم بطء تلك الاجراءات وتأخر استلام المستحقين للرواتب، لكن الغريب أن هنالك عوائل تعزف عن تقديم طلبات الشمول، وتفضل اللجوء الى التسول بدلا من الحصول على راتب يوفر هامشا من العيش الكريم، ويبعد عن ذل السؤال!
بل هنالك من يرفض العمل، ويفضل عيشة العوز والفقر، حيث قال لنا مواطن: وجدت عملا لإحدى النساء التي تنشر باستمرار أنها بحاجة الى مساعدة، وأخبرتها بأنهم يعطون راتبا جيدا، لكنها رفضت العمل، لأنه متعب حسب قولها، وأخبرتني أنها لا تمانع إذا كان العمل لا يحتاج الى جهد!!
أن التسول من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، مثله مثل التسول في الشوارع والطرقات، عدا أن المتسول يتخفى عن قناع حين يتسول، أما في الشارع، فهو يطلب بصورة مكشوفة، وكلا الحالتين، يفترض محاربتهما، كونهما تؤديان الى تبعات اجتماعية وقانونية على المدى البعيد.