عرض ـ الصباح الجديد:
صدر كتاب ( مقاربات في الايقاع الشعري ) للدكتور اياد ابراهيم الباوي من دار اليمامة للطباعة والنشر .. ويعني الكتاب عن مجمل قضايا ومشكلات تخص الايقاع الشعري وعلاقته في بنية الشعر حيث يذهب النقاد الى ان الايقاع بوصفه نغما ممتكررا يمكن ان يؤدي دورا ثنائيا في تشكيل بنية النص الشعري اضافةة الى وظيفته كوسيلة للقياس فهو يؤدي دورا دلاليا وجماليا مهما في التجربة الشعرية ، سيما انه اول اثر يدخل ميدان الفعل ويصل تاثيره للمتلقي كما انه يعد قوة الشعر وطاقته الاساسية .
ويشير الكاتب الدكتور اياد ابراهيم الباوي في مقدمة الكتاب الى ظهور وعي مبكر لدى القدماء بان الايقاع الشعري لا يتوقف عند حدود الوزن والقافية في النص وانما هناك عناصر اخرى تساعد على تشكيله كالقيم الصوتية والتي تنبع من اختيار الشاعر للكلمات وما بينها من تلاؤم في الحروف والحركات وحسن تجاور للالفاظ وبقدر الاجادة في الاختيار يتمايز الشعراء فيما بينهم حتى وان نظموا اشعارهم على ذات الوزن والقافية .
وفي باب ( الضرورة الشعرية بين الاضطرار والاختيار ) .. يتفق دارسو الادب ان للشعر لغة خاصة به جعلته يتميز عن غيره بسمات معينة وهي انها لغة النفس ووليدة الانفعال اولا واخيرا ، وهي بذلك لغة تلقائية تنفجر من النفس عفويا تحت تأثير الانفعال الذي تتنوع درجاته وهذا ما يجعل هذه اللغة الفجائية تتعارض مع اللغة النحوية في احايين عدة ، للمسؤولية المكبيرة التي تلقى على الذهن في استنتاج الروابط المنطقية التي تربط الكلام وتربط الكلمات بعضها البعض ..
ويبين الكاتب الدكتور اياد ابراهيم الباوي في الضرورة في معيار النقد قديما وحديثا .. اختلف النقاد القدماء والمعاصرين في هذه الظاهرة النحوية وفي دورها في الشعر ، ففي الوقت الذي يرى فيه البعض ان الضرورة ينحصر دورها في اقامة الوزن وتسوية القوافي وان الشاعر بكون مضطرا الى هذه المخالفة النحوية ..
ويضيف الدكتور اياد الباوي .. يرى اخرون غير ذلك وان الضرورة قد تقع في الشعر دون ان يكون الشاعر فيها مضطرا الى شسئ وانها صورة من صور الاتساع في اللغة ، ولعل هذا الاختلاف في النظر الى الضرورة لا يبعد كثيرا عن تلك الحدود التي لم تكن واضحة في ذهن النحاة الاوائل كسيبويه الذي لا نستطيع الوصول بسهولة الى ما هو خروج ضرورة او خروج توسع في احكامه المعيارية الخاصة بشواهد الضرورة ..
ولعل هذا الفهم هو ما دعا الدكتور مصطفى ناصف الى تقييم القول باعتبار الضرورة عيب عند جميع النقاد .. فيقول فالمخالفات اللغوية اعتبرت على ايدي النقاد جميعا هفوات .. ذلك لان الشعر ينبغي الا يخرج على حدود المستوى الاول او الصورة الوهمية السابقة ، ومن اجل ذلك تعقبوا ما سموه سقطات المتنبي وسقطات الجاهلين ..
وفي الخاتمة اكد الباحث الدكتور اياد الباوي ( لاشك ان لكل بداية نهاية واذ نصل الى نهاية هذا البحث فلابد ان نسجل كلمة اخيرة وهي استعمال الضرورة في الشعر يكشف عموما عن صورة من صور الانزياح والتعارض بين اللغة الفجائية واللغة النحوية بحيث يتجلى الشاعر على المعتاد من قوانين اللغة وقواعدها بصورة قصرية دون قياس او اطراد وهذا ما فتح مجال الاختلاف بوجه الدارسين حول سبب استعمال هذه الضرورة والاسباب التي تدفع الشعراء الى مختلف مشاربهم لهذا الاضطرار ..
ونحن نقول بان كتاب ( مقاربات الايقاع الشعري ) لمؤله الاستاذ الدكتور اياد ابراهيم الباوي يعد وثيقة مهمة وبحث واف عن ماهية الاخطاء الكبيرة التي ارتكبت بحق اللغة ، بحجة الضرورة الشعرية التي تعد ظاهرة خطيرة تهدد سلامة اللغة .. اذ لا ضرورة على اللغة .. لقد استطاع الباحث ان يضع النقاط على الحروف في كتابه الثري بالمعلومات والقواعد المهمة التي تتطلبها عملية استخدام الضرورة الشعرية في اقتحام قواعد اللغة الرصينة .