الزيادة السكانية عندنا في اضطراد مخيف ، وكأن العائلات في سباق مع الزمن على من يخلف اكثر او يزيد من افراد العائلة دون التفكير في كيفية تربية النشئ الجديد والمتطلبات الجسام التي تقع على عاتق العائلة والدولة في ابسط الجوانب من خلال توفير الغذاء والدواء والمقاعد الدراسية لهم .
ففي كل دولة يوجد فيها وزارة للتخطيط تسعى الدوائر المختصة فيها ان توازن بين العرض والطلب من خلال المشاريع التي تخطط لانجازها في مرحلة معينة مع وضع برنامج لانجاب ملايين الاسر ، وسنأخذ جانبا واحدا فقط هو جانب التعليم وما تحتاج اليه وزارة التربية من انشاء المئات او ربما الالاف من المدارس الجديدة لاستيعاب الأجيال المتدفقة سنويا ، وفي حال عدم تمكن الوزارة من توفير ابسط مستلزمات الدراسة وهي الأبنية المدرسية والكتب والقرطاسية فان هذا الجيل سيلجأ اما الى التسجيل في المدارس الاهلية اذا كان رب الاسرة ميسور الحال وله القدرة على دفع رسوم التعليم فيها ، او العمل لدى أصحاب المهن الحرة والبعض الاخر سيلجأ الى التشرد والتسول في الشوارع ، وما يتبقى منهم فسيسعون الى امتهان اعمال السرقة والاجرام او السير في ركب المنظمات الإرهابية التي تجد فيهم صيدا سهل المنال .
في حديث عابر مع مديرة مدرسة خلال تسجيل احدى التلميذات في الصف الأول الابتدائي قالت باسى انها تود قبول جميع التلاميذ ضمن الرقعة الجغرافية للمنطقة ولكن مع كل الأسف في الصفوف لا تتسع لهذه المجاميع ، وبذلنا الجهود لمخاطبة المسؤولين في الدولة او الوزارة عن توفير تخصيصات مالية لبناء صفوف جديدة في ساحة المدرسة ولكن دائما ما يكون الرد وهي الشماعة التي يعلقون عليها غسيلهم وهي الازمة المالية التي تعصف بالبلد .
أقول بصراحة هناك اعداد كبيرة من المسؤولين في كل منطقة اما آن لهم ان يحركوا ساكنا من مواقعهم ومناطقهم لعمل الخير ولو مثقال ذرة واحدة ترصد لبناء المدارس او إضافة صفوف جديدة في كل مدرسة لتكون قادرة على استيعاب اعداد التلاميذ من الجيل الجديد في كل عام مع توجيه دعوة للموسرين والمقتدرين من الذين يكنزون أموالهم من الذهب والفضة ليمدوا يد المساعدة والتبرع بما تجود به أيديهم لمساندة وزارة التربية او الدولة في اعمار البلاد من نواحي عدة تعود على الشعب بالفوائد الجمة وليعم الخير الجميع .
نحن نعلم ان العراق حاله حال بلدان العالم التي تأثرت بموجة جائحة كورونا إذ بلغت فيه الاصابات أرقاماً عالية لأسباب عدة، هذه الأزمة انعكست على قطاعات كثيرة، منها ضعف الخدمات الصحية، وتدهور الأوضاع الاقتصاديّة حتى جعل الدولة غير قادرة على دفع رواتب الموظفين، لكن الجانب المهم الذي عانى الإهمال ولم توجد له حلول ومعالجات لغاية الآن هو الجانب التعليمي وكيفية تلقي ملايين الطلبة لدروسهم خلال هذا العام.
ان العمليّة التربويّة في البلاد تواجه مشكلة مركبة، جديدة قديمة، جراء فايروس كورونا الذي اضطر وزارة التربية إلى اعتماد التعليم عن بعد، وتتجسد المشكلة المركبة في ان مئات آلاف الأطفال، إن لم يكونوا بالملايين، لن يمكنهم تلقي التعليم لأن دخول وايرادات ذويهم ضعيفة، لا تمكنهم من توفير مستلزمات التعليم عن بعد، والمتمثلة بالحواسيب الالكترونية، والهواتف الذكية، وخط الانترنت الثابت، ويشمل هذا الأمر الأطفال في مخيمات النازحين، وكذلك الأطفال المستقرين في بيوت ومدن لم تطلها الحروب، لكن ضعف حال ذويهم، يحول دون تلقيهم التعليم.
وعلى الرغم من أن تقريرا نشرته ناشيونال البريطانية لم يتضمن أطفال البيوت والمدن المستقرة ، إلا أن ما جاء فيه يرسم حدود هذه المشكلة بنحو دقيق وللنوعين، وأفاد التقرير بأن الآلاف من الأطفال النازحين في العراق لا يحصلون على فرصة التعلم عن بعد، فيما قالت مؤسسة خيرية أن الدولة العراقية تخاطر بوجود جيل كامل من الأطفال المتخلفين بشكل مزمن عن التعليم.
وذكر التقرير أن “الأطفال الاكثر ضعفا في العراق يواجهون تحديات التعليم عن بعد والتي تعمل على توسيع فجوات التعلم في البلاد، بحسب ما قال المعلمون في مخيمات النازحين” وذكرت دراسة أجراها المجلس النرويجي للاجئين أنه “ومنذ تفشي جائحة فايروس كورونا هذا العام أغلقت آلالاف المدارس أبوابها في البلاد تاركة 10 ملايين طفل تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 17 عاما من دون تعليم”.
سامي حسن