احلام يوسف
بعد غياب لم تنسِها وطنها ولا روحها المتوقدة شعرا وفنا، نامت الشاعرة لميعة عباس عمارة قريرة العين، اذ تركت ارثا ثقافيا وفنيا سيظل في الذاكرة يمنحها جمالا والقا بكلمات جمعت فيها البلاغة والبساطة.
نعاها قادة البلاد بوصفها السيد رئيس الجمهورية ارثا وطنيا، فهي المرأة التي كتبت الشعر الشعبي والعمودي وابدعت فيهما. واختارت الشعر وطنا فسكنها واستوطن داخلها حتى وهي في غربتها.
غنى لها فاضل عواد “اشتاك الك يا نهر” وكانت قصيدتها ترجمة لحالها المشتاقة لنهري بلادها، احبها الكل بشتى الاعمار فكانت تكتب القصيدة وتضيف لها روحا بطريقة الالقاء.
كتبت قصيدة “أنا عراقية” التي تقول بمطلعها “لا” حيث كتبتها عندما حاول أحد الشعراء مغازلتها في مهرجان المربد الشعري في العراق، فقال لها أتدخنين.. لا… أتشربين.. لا…أترقصين.. لا..فقال لها ما انتِ؟ جمع من الـ لا؟
تعد لميعة عباس عمارة محدثة ورائدة من رواد الشعر العربي الحديث، وإحد أعمدة الشعر المعاصر في العراق. ولدت في بغداد، وعاشت أغلب أيام غربتها في الولايات المتحدة على أثر هجرتها من العراق وتوفيت هناك.. حاصلة على وسام الأرز تكريمًا من الدولة اللبنانية لمكانتها الأدبية.
تخرجت من الثانوية العامة في مدينتها بغداد ودرست هناك في دار المعلمين العالية، وكانت تدرس مع عدد من الشعراء، منهم بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي وعبد الرزاق عبد الواحد وغيرهم، وكان التنافس الشعري بينهم شديدًا، وتمخض عنه ولادة الشعر الحر. حصلت على إجازة دار المعلمين العالية سنة 1950، وعينت مدرسة في دار المعلمات.
بدأت كتابة الشعر منذ كانت في الثانية عشرة من العمر، وكانت ترسل قصائدها إلى الشاعر المهجري إيليا أبو ماضي الذي كان صديقًا لوالدها، ونشرت لها “مجلة السمير” أول قصيدة وهي في الرابعة عشر من عمرها وقد عززها إيليا أبو ماضي بنقد وتعليق مع احتلالها الصفحة الأولى من المجلة إذ قال: “إن كان في العراق مثل هؤلاء الأطفال، فعلى أية نهضة شعرية مقبل العراق”.
كانت ترى في اللغة العربية الفصيحة وسيلتها للتواصل مع محيطها العربي الكبير، وقد وجدت في لهجتها العراقية ما يقربها من جمهورها العراقي الذي استعذب قصائدها، فتحولت بعض منها إلى أغنيات يرددها الناس.