بين تجربتي مصر وتونس
الصباح الجديد ــ متابعة :
((ألمح خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، والعضو في حزب العدالة والبناء، إلى إمكانية ترشحه لانتخابات الرئاسة المقررة في 24 ديسمبر القادم))
يعبر مراقبون ليبيون عن مخاوف من أن يتمكن أنصار الإيديولوجية الثيوقراطية، ولاسيما “الإخوان المسلمين” من الوصول إلى الحكم في ليبيا، أو لعب أدوار أساسية في المشهد الليبي، مستقبلا، على غرار ما حدث في بعض الدول العربية التي عرفت ثوارت شعبية.
ومن المنتظر أن تجري انتخابات رئاسية وبرلمانية في ليبيا نهاية السنة الجارية كما نص عليه اتفاق الفرقاء، الذي أفضى إلى انتخاب حكومة وحدة وطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة، ألقيت على عاتقها مهمة التحضير لانتخابات برلمانية قبل نهاية 2021.
وبُعيد استقالة الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، تحت ضغط الشارع، انتظمت في مصر انتخابات رئاسية العام 2012، فاز بها مرشح “الإخوان المسلمين” محمد مرسي، العضو في حزب الحرية والعدالة.
وفي تونس التي انطلقت منها شرارة الربيع العربي، تمكن حزب النهضة، وهو إسلامي التوجه، من الظفر بأغلبية مقاعد مجلس الشعب في الانتخابات البرلمانية في 2019.
تململ
قبل نحو أسبوع ألمح خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، والعضو في حزب العدالة والبناء، إلى إمكانية ترشحه لانتخابات الرئاسة المقررة في 24 ديسمبر القادم.
ونقلت صحف محلية عن المشري قوله إنه يدرس الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة العام الجاري، وتأكيده على عمل مجلس الدولة، الذي يقوم عليه “على حلحلة كل العقبات أمام إجراء الانتخابات في موعدها”.
وعاد إلى الواجهة الحديث عن مستقبل ليبيا وإمكانية أن يؤول المشهد السياسي فيها لما آلت إليه دول عربية شهدت ثورات شعبية تواقة للتغيير.
لكن المحلل السياسي الليبي إبراهيم بلقاسم قلل من شأن المخاوف في هذا الشأن، وقال حديث، لموقع “الحرة” إن “وزن تيار الإسلام السياسي في ليبيا اليوم صفر”.
وأشار إلى أن هذا التيار “لا يمثل الكثير في المشهد الليبي” على اعتبار أنه يفقد أي تمثيل داخل حكومة الوحدة الوطنية ويعاني من انقسامات عديدة.
في الخامس من فبراير الماضي، انتخبت لجنة الحوار الوطني الليبية، برعاية الأمم المتحدة، مجلس رئيسيا جديدا برئاسة محمد المنفي، وعبد الحميد دبيبة، رئيسا للحكومة، هدفهم الرئيسي هو تهيئة البلاد لإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر القادم.
وكشف الرجل أن تيار الإسلام السياسي، حاول الخروج من عباءة “الإخوان المسلمين” بإعادة تنظيم نفسه تحت مسمى جمعية الإحياء والتجديد” وهو دليل، وفقه، على “تململ هذا التيار”.
وتوقع بلقاسم انقسام حزب العدالة والبناء، وهو الذراع السياسي للإخوان في ليبيا وقال: “لا يوجد اتفاق داخل هذا الكيان على قيادة جديدة”.
وأوضح أن الانقسامات داخل تيار الإسلام السياسي في ليبيا على وجه العموم أشد من المنافسة التي تواجهه من التيارات الأخرى، وأن هذا سيزيد من تعقيد مهمة تنظيمه بهدف الفوز في الانتخابات.
وقال، في المقابل، بأن حظوظ التيار الليبرالي والديمقراطي بالفوز بثقة الليبيين أكبر، وهو عامل آخر يرجع تيار الإسلام السياسي إلى الصف الثاني من المشهد العام.
وكانت “جماعة الإخوان المسلمين الليبية” قد أعلنت في 2 مايو الجاري، تغيير اسمها وانتقالها إلى جمعية تحت اسم “الإحياء والتجديد”.
وقالت في بيان إن قرارها راجع لـ “إيمانها بأن المدخل الحضاري للتغيير والنهضة هو العمل المجتمعي، للإسهام في قيام مجتمع مدني لا يضيق بالتنوع والاختلاف”.
مستقبل الإسلام السياسي في ليبيا
يؤمن المحلل الليبي المقيم في لندن عبد الله كبير بأن تيار الإسلام السياسي الذي يهدف لإقامة دولة ثيوقراطية “لا مستقبل له في ليبيا”، خصوصا بعدما حدث في “الجارة مصر”.
وكشف كبير في اتصال مع موقع “الحرة” أن عدم التوافق الذي سيطر على هذا التيار خلال السنوات الأخيرة، والحملة التي سلطت عليهم من قبل أطراف لم يسمها، وكذلك “الأخطاء الكثيرة التي ارتكبوها”، على حد وصفه، جعلت حظوظهم في نيل ثقة الناخبين ضئيلة جدا.
وقال في الصدد: “أجزم أنه إذا دخلوا الانتخابات البرلمانية لن ينالوا أكثر من 3 أو 4 في المائة من المقاعد”.
لذلك، يرى إبراهيم بلقاسم أن رموز هذا التيار يحاولون “عرقلة المسار الانتخابي” من خلال المشاركة في المنتدى السياسي، بحكم موقعها فيه.
ويملك هذا التيار 14 مقعدا في المنتدى السياسي الليبي من بين 74 مقعدا، وهم يحاولون من خلال المنتدى عرقلة الانتخابات بتقديم مقترحات من قبيل “الذهاب لاستفتاء على الدستور قبل إجراء أي استحقاق انتخابي” وهو ما لا يمكن حدوثه بحكم ضيق الوقت، وفق بلقاسم.
وأكد المتحدث ذاته، بأن هذه الجهود سوف تبوء بالفشل بحكم أن التيارات الأخرى المتواجدة داخل المنتدى السياسي تعمل لإنجاح المواعيد الانتخابية المقبلة من أجل ضمان انتقال سياسي سلس في ليبيا.
جمال عبد المطلب، وهو محلل سياسي ليبي، يرى من جهته أن حزب العدالة والبناء، من بين أقوى الأحزاب السياسية في ليبيا، وقد سجل حضوره في أغلب المراحل التي عرفتها البلاد ولا سيما خلال السنوات الأخيرة.
وقال في اتصال مع موقع “الحرة” إنه “الحزب الوحيد الذي يشتغل في ليبيا منذ سنوات”، وكشف أن الحزب اشتغل لسنوات ضمن مؤسسات الدولة، خصوصا مع حكومة فائز السراج المعترف بها دوليا.
وتوقع الرجل في سياق تحليله أن يرشح تيار الإخوان، فتحي باشاغا، وزير الداخلية الليبي السابق في حكومة الوفاق الوطني وعُضو المجلس الرئاسي في طرابلس.
ووفق تحليله، يرى عبد المطلب بأنه رغم “الهجمات” التي تعرض لها هذا التيار “لن يخرج من المشهد السياسي بسهولة”.
وبرر ذلك بالقول إنه “بحكم كون ليبيا دولة متدينة نوعا ما، بها انتشار واسع للمذهب المالكي، فالتيار الإسلامي يحظى بقبول”.
وقال في الصدد: “ربما لن يفوزا بالانتخابات الرئاسية، لكنهم لن يتركوا الساحة السياسية.