شذرات عالم المرمى
نعمت عباس*
نتفق جميعا أن حارس المرمى له دور مؤثر في نتائج الفريق لما يتمتع به من صفات وسمات جعلته نصف الفريق كما أطلق عليه أهل الشأن، أما مدرب الحراس فإن دوره يتطلب جهدا متواصلا وعملا شاقا حتى يجعل حارسه يحمل صفة الحارس المثالي وعلى ضوء هذه الأهمية علينا التركيز على هذه الخصائص الجوهرية والعمل بها.
الشخصية وكيفية تطورها، تحمل المسؤولية، القوة الذهنية، معرفة الأداء الصحيح للتمارين الصحيحة ومدى فائدتها وتطبيقها بشكل صحيح، منهجية التدريب وفق أسس عملية صحيحة، شرح أهمية التدريب قبل التدريب حتى يعرف الحارس فائدة التدريب والتطبيق الصحيح، إعطاء المعلومة بشكل صحيح في الوقت المناسب، القدرة على الأداء الصحيح لغرض الوصول إلى الهدف المنشود، العلاقة مع الحراس وفق المبادي، الإخلاص، الثقة، احترام الآخرين، القدرة الاجتماعية والتواصل الشجاعة في اختيار الحارس الأول والثاني والثالث، الكفاءة في رفع مستوى الحماس والتحضير، معاملة الحراس في نفس الدرجة في التدريب الأول كالثاني والثالث كالأول، أن يبني علاقة مع أولياء الأمور خاصة بالنسبة للحراس الصغار وهذه العلاقة ستسهم في التزام الحارس وتطور مستواه، إدراك مهنة التدريب، أن يجعل التدريبات ترفيهية وممتعة، وبهذه الصفات يزدهر عالم المرمى.
مدرب الحراس لا بد أن يمتلك 3 شروط اساسية وهي أن يكون حارسا سابقا وان يتمتع بكفاءة علمية إضافة إلى توفر الموهبة كشرط أساسي في عملية التدريب والموهبة هنا تختلف، فليس كل حارس مرمی متميز في مرحلة اللعب قادرا على أن يكون بالضرورة مدرب حراس متميزا والعكس ربما يكون صحيحا فالتدريب شيء واللعب شيء آخر.
على مدربي المراحل العمرية ومدارس الكرة اختيار الحراس وفق القواعد التالية حيث إن الصفات التي يجب أن يتمتع بها من يرغب الدخول في هذا العالم الخاص تشمل 3 أقسام، الأول حركي ويشمل السرعة والقوة المميزة بالسرعة والرشاقة وسرعة رد الفعل والمرونة والتوافق، أما الثاني فهو جسدي ويشمل طول الجسم والوزن وطول الساقين وطول الذراعين والثالث نفسي ويشمل الرغبة والإدارة والتصميم والشجاعة وعلى مدرب الحراس معاملة الحارس الثاني مثل معاملة الحارس الأول من حيث التدريبات ومعاملة الحارس الثالث بنفس الطريقة من الاهتمام والرعاية والتي يجب أن تكون متساوية باستثناء إتاحة الفرصة يجب أن تكون الأجدر ولكن المشكلة التي تواجه حراسنا انهم لا يجدون الفرصة إلا بعد إصابة الحارس الأول والواجب استغلال الظروف في منحهم الفرصة مثلا إذا فاز الفريق بنسبة جيدة من الأهداف فإن الربع ساعة الأخير فرصة مناسبة بمشاركة الحارس الثاني لأن اللعب في مثل هذه الظروف النفسية الجيدة للفريق الفائز تشجع الحارس البديل على الاستقرار النفسي ومن ثم الظهور بالمستوى الجيد وبالعكس عندما ينهزم الفريق بنتيجة قاسية فعلى الحارس البديل أن يأخذ موقعه لسببين الأول المحافظة على الحارس الأول من الضغط النفسي والذي ربما يؤثر عليه في المباراة القادمة أما السبب الثاني فهو زرع روح المنافسة بين الحارسين خاصة أن الحارس البديل سوف يقف بنفسية جديدة للتعبير عن إمكاناته وإثبات ذاته وللأسف هذه الطريقة لا تستخدم مع الكبار ولا الصغار.
وبالمنافسة يزدهر مستوى حراس المرمی التعاون بين مجالس إدارات الأندية بخصوص انتقال واستعارة الحراس حيث هناك في بعض الأندية لا يوجد هناك حارس يعتمد عليه واخرى تضم 3 حراس بمستوى جيد ولعب الحارس في ناد غير جماهيري خير له من الجلوس على دكة الاحتياط في نادي جماهيري وهذا التعاون بين انديتنا ساهم في تطوير مستوى حراسنا وتبقى مسالة التدريب في المراحل السنية ومدارس الكرة هي الأساس في بناء نخبة من حراس المستقبل وفق الأسس الصحيحة والمنهجية في العالم يختارون أفضل المدربين لتدريب هذه المراحل لخطورتها وأهميتها ولقناعتهم بان هذه المراحل هي حجر الأساس في تطوير اللعبة وازدهارها وهذه قواعد العمل الصحيح التي ساهمت في ظهور حراس كبار في كل بطولة فعلينا أن نستوعب الدرس وتهتم بحراسنا الصغار ونختار لهم المدربين والمربين لأن اللغة والجوانب النفسية في غاية الأهمية في هذه المرحلة التدريبية وسيشهد المستقبل القريب ولادة أكثر من حارس مرمى في أنديتنا وعلى الجميع أن يتحمل المسؤولية لأن اليد الواحدة لا تصفق.
حارس المرمى يجب أن يتصف بصفات خاصة منها ما يتعلق بالرشاقة والمرونة وسرعة ردة الفعل والحركة وقوة القفز والشجاعة والإصرار والعزيمة وقوة الإرادة، إضافة إلى كل هذه الصفات يتطلب من الحارس أن يتمتع بصفات جسدية من طول الساقين والذراعين وطول الجسم كما للوزن أهمية كبرى بالنسبة للحارس.
عبر التاريخ ظهر نجوم عدة يحملون شعار نصف الفريق، وهذا القاعدة أطلقت على حراس المرمى على ضوء حجم المسؤولية والدور الذي يقوم به في الفريق ،واثره في حسن النتائج وقد حدثنا التاريخ عن نجوم سابقين في بطولة كاس العالم، وكل النقاد والخبراء يرون أن الحارس الروسي السابق ليف ياشين افضل الحراس الذين شاركوا في بطولات كاس العالم منذ
انطلاقها 1930 في الوقت الذي ظهرت فيه مواهب كثيرة، ومنذ ذلك التاريخ وحتى وقتنا الحالي فإن هناك ندرة في الحراس المتميزين، وهو الأمر الذي يحتاج لوقفة تأمل، وتذبذب المستوى يحتاج لدراسة، فمعاملة حارس المرمى تختلف شكلا ومضمونا ليس لكونه نصف الفريق وإنما الواقع فرض ذلك، حيث إنه له مدرب خاص يشخص اخطاءه ويضع له الحلول والمعالجات فإذا وجد مدرب الفريق اخطاء عند الحارس فعليه إبلاغ مدربه الخاص عن تلك الأخطاء لأن مدرب الحراس يمتلك سياسة خاصة في التعامل مع حراسة. ومن اللاعبين من يتمتع بصفات مثالية في حراسة المرمى.
ولن تستثمر هذه المواهب لأسباب عديدة تكون خارجة عن إرادة اللاعب نفسه والتدريب الحديث توصل إلى أن الحارس يجب أن يكون لاعبا جيدا بحكم تطور خطط اللعب وتطور اللعبة، حيث فرض الأسلوب الحديث أن يكون الحارس بمثابة الليبرو عبد الله يوسف حارس نادي الشارقة لفريقي 21 سنة والفريق الأول حولته في عمر 9 سنوات إلى حارس مرمى ونفس الشيء يقال عن الحارس حمد توفيق حارس نادي الشعب لفريقي 21 والفريق الأول هو الأخر كان لاعبا في عمر 12 سنة وحولته إلى عالم المرمى. وعندما وجدت صفات الحارس تتوافر لديهما وبالتنسيق مع المدربين والإداريين وأولياء الأمور تمت الموافقة وقت ذاك على تحويلهما إلى مركز حراسة المرمى، ومن هنا علينا استثمار المواهب في الأكاديميات ومدارس الكرة ورسمها لمستقبل عالم المرمی.
همسة دامعة : لا يعرف الشوق إلا من يكابده ـ ولا الصبابة إلا من يعانيها.
- مدرب عراقي محترف