تراجع الاقتصاد بأكثر من 9.7 %
بغداد – الصباح الجديد
أشار تقرير لصحيفة “جيروزالم بوست” إلى أن الحكومة العراقية ستكون غير قادرة على دفع رواتب موظفي القطاع العام خلال الشهور القادمة وربما كذلك لن تتمكن من دفع رواتب شهر يونيو، بسبب المشاكل المالية التي تعاني منها البلاد.
وأرجعت الصحيفة ذلك إلى الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها بغداد بسبب الفساد وفشل التخطيط الاقتصادي وانهيار أسعار النفط الذي يمثل 90% من الاقتصاد العراقي، بعد انخفاض الطلب عليه بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد.
وبينما دفعت الحكومة العراقية الجديدة رواتب موظفيها بالكامل في شهر مايو، فإن انخفاض عائدات النفط يعني أنها ربما ستضطر إلى خفض رواتب الموظفين أو تأجيل دفعها في الشهور القادمة.
وقال حازم الشمري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، إنه بسبب المشاكل المالية التي عانت منها بغداد خلال السنوات الماضية، فشلت في إنشاء صندوق سيادي للتعامل مع مثل هذه الأزمات.
وأضاف: “لقد تأثر العالم كله بأزمة النفط ولكن معظم الدول لديها سيولة خصصتها لإنقاذ اقتصاداتها، على عكس بغداد وأنه يمكن للعراق الاقتراض من البنك الدولي وكذلك من البنوك المحلية، لقد فعلت بغداد ذلك بالفعل، ولكن يبقى السؤال: هل ستكون الحكومات قادرة على تسديد هذه القروض؟ نحن نتحدث عن أرقام كبيرة هنا”.
وصرح “على الأرجح، ستمدد الحكومة عدد أيام شهر العمل مقابل نفس الراتب. على سبيل المثال، سيغطي نفس الراتب 35 إلى 40 يومًا بدلاً من 30 يومًا “.
وأفاد تقرير للبنك الدولي أن العجز في الميزانية العراقية قد يتجاوز 20 مليار دولار، كما تراجع الاقتصاد بأكثر من 9.7 %، مما أدى إلى حدوث فجوة مالية عميقة، وليس من الواضح متى أو كيف يمكن ملؤه في وقت تشهد البلاد ارتفاعا في أرقام العاطلين عن العمل.
وبحسب وسائل الاعلام، يعمل في القطاع العام حوالي 60٪ من القوى العاملة في الدولة، يأتي هذا بعد أن زودت الحكومة عدد الأشخاص الذين توظفهم بنسبة 80 %بين عامي 2007 و 2012، لكنها تواجه الآن احتمال عدم قدرتها على دفع رواتب بقيمة حوالي 3 مليارات دولار لشهري يونيو ويوليو.
ويتوقع الاقتصاديون العراقيون أن تقدم الحكومة ميزانية 85 مليار دولار تتضمن توقعات متفائلة تبلغ 60 مليار دولار من الإيرادات، كما وعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتقديم مساعدة مالية لرئيس الوزراء العراقي الجديد مصطفى الكاظمي، دون تحديد مبلغ أو طبيعة الدعم.
في مارس الماضي، باع العراق ما قيمته 2.98 مليار دولار من النفط، ولكن بحلول أبريل، انخفض الرقم إلى 1.4 مليار دولار، ليس فقط بسبب انخفاض أسعار النفط العالمية ولكن بسبب وفرة في الأسواق العالمية.
وأكد اقتصاديون أنه للتغلب على الأزمة الاقتصادية ووضع خطة إصلاح، حتى ولو جزئية، سيتطلب من رئيس الوزراء حشد دعم الأحزاب والداعمة للحكومة، ولكل منها مصالحها الخاصة ونفوذها العام والسياسي، التي يمكن أن تقف عائقا في وجه هذا الإصلاح.
لذا، على سبيل المثال، من المتوقع أن يتطلب الإصلاح خفض المزايا التي يحصل عليها القضاة وأعضاء البرلمان والدبلوماسيون وكبار المسؤولين الآخرين بنسبة 70 -80 % ما سيؤدي إلى رد فعل عنيف متوقع، لأن كل مسؤول يتم تعيينه بناءً على صيغة متعلقة بانتمائه الحزبي.
من جانبه، قال مازن أرشيد الخبير المالي في عمان إن الفساد وعوامل أخرى تعود إلى عقدين أدت إلى تدهور الاقتصاد العراقي، لكن السنوات القليلة الماضية كانت الأسوأ.
وأضاف: “بغداد من بين الدول التي لديها أعلى معدلات الفساد في العالم، وواحدة من أسوأ عشر دول من حيث السيطرة عليه، ولهذا ظل المستثمرون الأجانب والشركات متعددة الجنسيات بعيدًا”.
وتابع: “يتعلق الأمر بالسياسات الاقتصادية السيئة على مر السنين، بالإضافة إلى عدم وجود أي تخطيط اقتصادي، الأمر الذي زاد من الفساد في البلاد”.
بالإضافة إلى ذلك، أدت الاحتجاجات إلى شل الاقتصاد، وكذلك جائحة كورونا وما نتج عنها من حظر التجول، مما زاد من البطالة وأدى إلى إغلاق العديد من الشركات والمصانع.
وبحسب أرشيد، فإن اعتماد العراق التام على عائدات النفط والفشل في تنويع اقتصاده – خاصة بالمقارنة مع دول الخليج الأخرى – ساهم في تفاقم الأزمة، وأصبحت البلاد تحت رحمة النفط من جهة ورحمة فيروس كورونا من ناحية أخرى.