أحلام يوسف
قال الحسن البصري: إن المؤمن لا تراه إلا يلوم نفسه دائمًا، فالنفس اللوامة ومع كل التفسيرات للآية القرآنية التي تحدثت عنها والأحاديث النبوية والقصص المروية، تعني الضمير.
يقول الباحث في الطب النفسي عبد الاله الجنابي والمقيم في مانشستر: النفس اللوامة، هي التي توقع صاحبها في الذنب لسبب ما، ومن ثم تلومه عليه، فهذا اللوم يأتي من الإيمان، والخوف من عقاب الرب، خلافا للشقي، الذي لا يلوم نفسه على ذنب، لا بل أحيانا يبرر لنفسه الفعل الخطأ، وبحجج كثيرة جاهزة وواهية.
وتابع: اللوم حالة صحية، فهو ناتج عن ضمير صاح يريد به ان يصحح أي اعوجاج، لكن يجب ان نتنبه ان اللوم وان كان امرا صحيا، لكنه عندما يتخطى حدود المعقول، يصبح حالة مرضية، تدعى “الوُهَام” وهو اضطراب عام في التفكير، وفي عالم الطب النفسي، يتم تعريف الوهم بأنه اعتقاد مرضي ويستمر المريض في تمسكه بوهمه على الرغم من وجود الدلائل التي تثبت عكس ما يتوهمه.
عن أنواع الوُهام وفيما يتعلق بموضوع النفس اللوامة يقول: وهم الشعور بالذنب أو الإثم (أو وهم اتهام الذات)، يؤدي بالشخص الى الشعور بالندم أو الذنب إلى درجة تسيطر فيها هذه المشاعر، وتتمكن منه حتى تصير وهمًا مرضيًا. فهناك بعض المصابين بهذه الحالة، يسيطر عليهم الوهم بأنهم ارتكبوا جريمة ما كأن تكون جريمة قتل ان زار مريضا ومات بعد مغادرته، فيظل يشعر بتأنيب الضمير لأنه لم ينل جزاءه بعقوبة يستحقها.
يقول الجنابي انه في بعض الحالات يصل الوهم بالمريض الى درجة انه يلوم نفسه على الكوارث الطبيعية، مثل الزلازل والفيضانات او الحرائق، وينسب السبب لفعل ما ارتكبه او في الاقل لأنه شؤم حسب اعتقاده.
هناك مثل يقول ان كل ما زاد عن حده انقلب ضده، وهذا المثل ينطبق على كل الحالات، حتى الإيجابية والجميلة منها، فليس أجمل من ضمير حي يصنع نفس لوامة، تؤنب صاحبها على كل خطأ عسى ان يتجنبه مستقبلا، لكن حتى هذه الحالة عندما تصل الى مرحلة المبالغة، تتحول الى مرض. علينا ان نوجد التوازن في كل تفاصيل حياتنا، فهو أصل الاستقرار النفسي الذي نطمح اليه جميعا.