يتناول كتاب “الجمال الصوتيّ، تأريخه ورؤيته الفقهيّة.. مراجعة في النّص الدّينيّ حول الغناء والمعازف” الذي صدر مؤخراً للباحث العماني بدر بن سالم العبري، جدلية التحليل والتحريم الفقهية للموسيقى والغناء في التاريخ الإسلامي. وهي جدلية لم تظهر قبل القرن الرابع الهجري، واستندت في حالة التحريم إلى تأويلات نصية لعدد من الآيات القرآنية، بينما استندت الإباحة إلى اجتهادات فقهية ارتبطت بمجموعة من الشواهد التأسيسية إلى تعود إلى صدر الإسلام.
وقد صدر الكتاب عن “الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء” بالتعاون مع “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن. وجاء في ثلاثمئة وثماني صفحات من القطع المتوسط.
وحوى الكتاب شقّين في المصطلح، الأول هو شقّ الفنّ وما يتعلّق به من جانبين: جانب معنويّ يتعلّق بالغناء واللّحن واللّهو، وجانب مادّي يتعلّق بالمغنّى به نثراً أو شعراً وآلة. أمّا الشّقّ الثّاني فيتعلّق بالجمال.
وغطى الباحث كذلك الآراء الفقهية بشكل شامل جامعاً الأقوال المتداولة في ثمانية مدارس فقهيّة، هي: الإباضيّة، والزّيديّة، والجعفريّة، والحنفيّة، والمالكيّة، والشّافعيّة، والحنبلية، والظّاهريّة. وقد أورد الأدلة جميعها، لا سيما تلك الأدلة المأخوذة من المصدر الأول للتشريع؛ أي القرآن الكريم، فناقشها، وأورد من خلالها دليلاً واحداً أبيح فيه الغناء، مقابل ستة أدلة دلت على المنع.
وتطرق بعد القرآن الكريم إلى الأدلة من الروايات، ومَن جوّز الغناء من الصحابة، ومسوغات هذا الخلاف في الإجماع وقاعدة سد الذرائع. وخلص إلى أنّه لا يوجد دليل صريح لمنع الغناء والمعازف أو تحريمه، وإلا لذَكَرَه الله في كتابه صريحاً، وما جاء من نهْي لا يخرج عن دائرة العليّة السّلبيّة، فإن ارتفعت عاد إلى أصل الإباحة؛ لأنّه من الجمال الذّي بثّه الله تعالى في مخلوقاته، وما حاكاه الإنسان في صنع آلات وأشعار تُناغم هذا الجمال، حتى تحوّل إلى صنعة وعلم يُدرَّس ويُتقَن، وهذا لا يعني أنّه ليس للبشر حقّ التّقنين بما يحفظ المقاصد الخمس أو السّتّ التي تدور حولها مقاصد التّشريع والتّقنين.
وتناول البحث كذلك مجموعة من التطبيقات ذات الصلة المباشرة بالموقف الفقهي من الغناء، مثل: المرأة والغناء، والأطفال والغناء، والسماع العرفاني والدف، والغناء والرقص، والغناء والصفير والتصفيق، والموسيقى والعلاج، والقرآن والتغني به.
*عن ميدل أيست أون لاين