متابعة الصباح الجديد:
عن دار الرافدين صدرت للروائي والمترجم فلاح رحيم رواية” صوت الطبول من بعيد” في آذار 2020. يقول رحيم عن روايته: تأخر صدورها أربعين عاماً عن الحدث الذي تصفه وتعلّق عليه، وجاء في لحظة تأزم عراقية لا تختلف حرجاً عن سابقتها يحاول فيها جيلٌ جديدٌ من العراقيين تصحيح ما تراكم من أخطاء. تكمن أهمية هذه الرواية بالنسبة لي في حقيقة أني شاهدٌ احترقت أصابعه بنار الحدث وانتزعت الخدمة العسكرية الإلزامية أكثر من تسعة أعوام من ربيع حياته . لكني لم أكتب بدافع التوثيق الذي اشترطه فيليب لوجون حسب، بل اخترت الاستجابة لشرط المصداقية الأخلاقية والتأملية الذي أضافه لوجون إلى شروطه لاحقاً. والأهم أني كتبت رواية لا سيرة ذاتية لقناعتي أن السيرة وحدها لا تكفي لإضاءة معاني التجربة. تفتقد ثقافتنا العربية إلى تقليد المحرر الأدبي الذي يوفر للمؤلف عيناً خبيرة مدققة تحدّ من شطحاته وهفواته. لذا استعنت بنخبة رائعة من الأصدقاء ليسدّوا هذا النقص ويكونوا أول قراء للرواية قبل نشرها. أخص منهم بشكر عميق أخي وأستاذي الشاعر واللغوي شريف الزميلي الذي ظل أميناً على مراجعة كل ما أكتب وأترجم منذ عقود (وقد درّسني في بداية حياتي اللغة العربية وبحور الشعر العربي). عرضت الرواية أيضاً على مجموعة من عشاق الكلمة وخبرائها هم الأديب الناقد ناجح المعموري، الروائي زهير الجزائري، الناقدان والمترجمان حسن ناظم وعلى حاكم صالح، الشاعر رعد كريم عزيز، القاص ميثم سلمان وصديق نصف قرن عزيز المولى. صارت حواراتي معهم جزءاً من تجربة كتابتي للرواية، فلهم كل ثناء وامتنان. كما أود أن أشكر أخي حسن ناظم مرة أخرى ومعه الأخ محمد هادي لما بذلا من جهد صادق لإخراج الرواية إلى النور.
ومما جاء الغلاف: تكتب “صوت الطبول من بعيد” ما لم يُكتب من قبل عن الحرب العراقية الإيرانية، وتُسجل ما صمتت عنه روايات تمجيد القتل ورثاء السلم على حد سواء. بدءاً من عشية اندلاع الحرب، تأخذ القارئ إلى خنادقها الأمامية عبر يوميات دقيقة تنقل ما يعنيه الحضور في عين العاصفة من أفكار وأحاسيس. بؤرة الرواية فاتنة بولندية تصادف وجودها في الرمادي مع شركة لبناء مضخات الماء على نهر الفرات في سنوات الحرب الأولى. سرعان ما تتحول هذه المرأة إلى أذن مرهفة تستقبل صوت الطبول القادم من بعيد ونبض المحارب الذي تهدد الحرب وجوده وعقله. هنالك في الرواية حركة مكوكية بين خنادق الحرب الخانقة وعالم بغداد والرمادي تكشف لشخصيات الرواية وللقارئ حقيقة الحرب والحب والأيديولوجيا في زمن العراق الصعب. إنها شهادة كاتب عاش الحرب في خنادقها الأمامية واكتوى بنارها وقرر أن يقول كلمته.