سلطان الشهيمي
إن المتأمل في الساحة الأدبية، يجد أن جائحة كورونا بدأت تقتحم عوالم القصيدة، والقصص، والروايات؛ بل إن الكتابات حولها شرعت تؤسّس لنفسها ما يسمّى بـ” أدب كورونا”؛ على رغم أن تجربة البشر مع هذه الجائحة لمّا تكتمل بعد حتى توجِد لنفسها فضاءً خاصا.
وفي هذه المقالة السريعة التعريفية، سأعرض طرفًا ممّا كتب حول هذا المرض، معرّفا القارئ الكريم ما يدور حول الساحة الأدبية، وما يمكن أن يجمع شتات المكتوب في مادة واحدة ليستفيد منها القارئ.
لنبدأ أولا في مقالة للكاتبة مها محفوظ محمد، التي عنونتها بـ” كورونا والأدب: هل تنبّأ الأدباء به؟ ” المنشورة في صحيفة الوطن السورية، تحدثت عن فكرة الوباء الحقيقي والوباء المجازي، وما يدور حولهما من روايات كثيرة، التي كان الوباء فيها محفّزا أساسيا لأحداثها، ومجالا واسعا لسرد حبكتها، مستشهدة بمجموعة كبيرة من الروايات عبر تاريخ بعض الأمراض في دول شتى. ومن أمثلتها: ما كتبه الأمريكي دين كونتيز وتنبُئِه بفيروس كورونا عام 1981؛ على رغم اختلاف الروابط بينها وبين واقع اليوم. كذلك رواية العمى (1995) لساراماغو لوباء يفقد الناس بصرهم. ورواية الخيال العلمي 2073: “الطاعون القرمزي” (1912) لجاك لوندون ورواية نيميسيس للكاتب الأمريكي فيليب روث التي تدور حول تفشي وباء شلل الأطفال عام 1944. إضافة إلى رواية “الموقف” عام 1998م لسيد الخيال والرعب الروائي ستيفن كينغ التي تحدثت روايته عن فيروس مختلف تماما عن سابقيه إنه فيروس معد لحروب بيولوجية تقضي على العالم، وغيرها من الروايات التي استعمل الوباء فيها لأغراض أخرى. ناهيك عن أن بعض هذه الروايات كانت ضمن الروايات التي أقبل الناس عليها هذه الأيام في أوروبا بقراءتها مرة أخرى؛ لقربها من واقعهم وما تجسده من أحداث كما أشار إلى ذلك الكاتبان نجيب مبارك وسارة عابدين في مقالتهما: “مع كرونا.. أدب الأوبئة ونهاية العالم يعود من جديد”.
بينما الكاتب عماد بابكر تناول في مقالته: ” الطاعون والأوبئة في الروايات الأدبية.. من سيكتب حكاية كرونا؟” التي نشرت في شبكة الجزيرة الإخبارية، موضوعَ الوباء كتقليد أدبي في تاريخ الأدب حيث تنوعت ما بين الألفة والفراق، ومشاعر فقد الحبيب، والمحاصرين في الحجر الصحي، والخوف والفرار من الموت خشية العدوى. ومن أمثلة ما ذكره: قصيدة ” الكوليرا” للشاعرة العراقية نازك الملائكة ومعسكر الكوليرا للشاعر الإنجليزي روديارد كبلنج. وأضاف أيضا مجموعة من الروايات التي ركز فيها أصحابها على أن السلوك يتبدّل بتبدّل الظروف، مثل: رواية” الرمز” للروائي البرتغالي جوزيه سارماغو. كذلك الروايات التي جعلت الحب محورًا لها، مثل: “زمن الكوليرا” لنويل غارسيا ماركيز. أضف إلى ذلك رواية ” إيبولا 76″ للروائي السوداني أمير تاج السر التي أثار الفيروس فيها الرعب في رواية” أكثر واقعية، بأمكنة حقيقية، وتاريخ حقيقي”.
وجاءت المقالة الثالثة” نماذج عن “أدب الوباء”: فيروس “كرونا” في رواية منذ 1981″ للكاتب بديع صنيج، المنشورة في موقع تلفزيون الخبر، مُستفتِحةً ما أثير في شبكات التواصل الاجتماعي حول رواية ” عيون الظلام” للكاتب الأمريكي دين كونتز الذي تنبّأ بفيروس شبيه بكورونا كما أشارت إلى ذلك المقالة الأولى؛ ولكن من التوافق العجيب أن أحداثها جرت في مدينة ووهان الصينية باسم “ووهان 400” التي، كما يعرف الجميع، كانت بؤرة الفيروس.
ثم ذكر الكاتبُ أمثلة كثيرة من الروايات والأعمال
الأدبية الأخرى لأدب الوباء، تحدثت عنها المقالات السابقة في مجملها. فهل سنرى
كتابات أدبية لهذا العارض تضاف إلى أدب الوباء؛ إذ إن مرض كورونا أنهك العالم
اقتصاديا واجتماعيا بل أخلاقيا كما أشار الكاتب في نهاية مقالته؟ أم هل أن الوقت ما
زال مبكرا لكتابة رواية أو أعمال أدبية أخرى؟
أما مقالة الكاتب عبده حقي المعنونة بـ”الأدب في زمن
كورونا”، التي نشرها في موقع … فإنها قدمت
مجموعة من الكتب الأدبية التي أرّخت لأخطر الأوبئة والأمراض، ومن أمثلتها:
“ديكاميرون” لجيوفاني بوكاسيو، الكتاب الذي كُتب في أعقاب الطاعون الأسود الذي
اجتاح إيطاليا، وهو تذكير بأهمية ما تقدمه الروايات والقصص للبشر في أوقات الأزمات
والنوازل.
وفي نهاية هذا الموجز، يظهر للقارئ الكريم أن الوباء قد
يبين في الأعمال الأدبية حقيقيًا، أو مجازيًا يستعمل لأغراض أخرى كالحبّ والحرية والإرادة
وغيرها. وما زال مرض كورونا من السابق لأوانه الحديث عن أدبه، وما يدور في فلكه؛
إذ لم يختمر بعد في تجارب البشر فهو في بداياته، وما زالت الدول تصارع لاجتثاثه
والحد من انتشاره. نسأل الله تعالى العافية.