أحمد فضل شبلول
يؤكد
الباحث الأردني الدكتور يوسف محمود عليمات إن عملية ترجمة الشعر في عام 2018 إلى
لغات مغايرة تراجعت مقارنة بأعوام سابقة في إطار حضور متنام لترجمة الأعمال
السردية العربية مثلا.
ويرى في بحثه القصير المنشور في تقرير حالة الشعر العربي
الصادر عن أكاديمية الشعر العربي بجامعة الطائف السعودية، أن حركة ترجمة الشعر
العربي إلى لغات الآخر تعكس فضاء حيويا نظرا لاهتمام هذا الآخر، وتحديدا في
مدوناته الاستشراقية بالشعر العربي الذي يجسد المقولة الدائمة “الشعر ديوان
العرب” أي الشعر بوصفه صورة للثقافة والفكر، وبوصفه أيضا شاهدا على المسارات
والتحولات التي تمر بها الثقافة العربية تاريخيا.
ويشير عليمات إلى أن الشعر العربي شكّل – ولا يزال –
قيمة نوعية في رؤية الآخر سمحت له بالتواصل قراءة وترجمة، وفي نماذج شعرية مختارة
من عصور مختلفة.
ويوضح أن قصيدة “أنشودة المطر” لبدر شاكر
السياب حظيت بترجمات جادة وتحديدا إلى اللغة الإنجليزية، وأن مسألة الترجمة تقف
غالبا عند حدود القصيدة الواحدة أو النماذج المتعددة، ولم تتجاوز هذا الحد إلى
ترجمة مجموعات أو دواوين كاملة، منوها في الوقت نفسه بمشروع سلمى الخضراء الجيوسي
“الشعر العربي الحديث” (بروتا) والذي قامت فيه بترجمة حيوات بعض الشعراء
ونماذج من أشعارهم إلى اللغة الإنجليزية، ومن أبرزهم في سوريا: أورخان ميسر، وهدى
نعماني، ونزار قباني، وأدونيس، وسنية صالح، وممدوح عدوان، ومحمد الماغوط.
وفي فلسطين: محمود درويش، وسميح القاسم، وليلى السائح،
وفدوى طوقان، وإبراهيم طوقان. وفي الأردن: أمجد ناصر. وفي لبنان: فؤاد رفقة وخليل
حاوي. وفي العراق: صلاح نيازي، وكمال سبتي، وبدر شاكر السياب، وحميد سعيد، وبلند
الحيدري، وعلي جعفر العلاق، وعبدالوهاب البياتي، ومحمد مهدي الجواهري، ومعروف
الرصافي، وسعدي يوسف.
وإلى جوار مشروع سلمى الخضراء الجيوسي، هناك ترجمات أخرى
لقصائد من الأجيال التالية في الشام والعراق، ولكن يظل محمود درويش هو أكثر شاعر
حظيت نصوصه الشعرية باهتمام بالغ، ولا تزال على صعيد الترجمة العالمية، فقد ترجمت
نصوصه إلى 22 لغة عالمية.
ويرى عليمات أن حركة ترجمة الشعر العربي في العام 2018
تقل عن نظيراتها في أعوام سابقة، وأن هذه الترجمة تتراوح بين ترجمة قصيدة واحدة أو
قصائد محددة لشعراء مشهورين، وبين عمل مؤسسي محدد ينهض بمسؤولية ترجمة دواوين
محددة أيضا، لذا فإن تلقي الآخر للشعر العربي ترجميا لم يصل بعد إلى الغاية
المنشودة مقارنة بالرواية. فترجمة الشعر تتموقع في الهامش، وهذا ما يجعل حضور
الشاعر/شهرته، مقتصرة على الجانب المحلي، مؤكدا على أن ترجمة الشعر كانت ومازالت
مقصورة على جهود فردية يقوم بها الشاعر الضالع بمعرفة لغة أخرى، أو المترجم العليم
الذي يعجب بشاعر أو قصيدة لشاعر، فيشرع بعملية الترجمة، وهذا – حسبما يرى عليمات –
يؤدي إلى خلق فوضى وضبابية لاسيما إذا ما اختلفت الترجمات للشاعر الواحد والقصيدة
الواحدة.
معرفة أساليب الشعرية العربية في مرحلة ما بعد الحداثة
أما
المكمن المؤسسي فيرى الباحث أنه يغاير الفردي بقدرته (المادية: المالية) بحيث
تستوعب المؤسسة الترجمية فريقا من الخبراء والمترجمين، ولكن دورها مازال قاصرا عن
ترجمة المدونات الشعرية في الوطن العربي بأكمله، ومثل هذه المؤسسات تبدو بلا خطط
منهجية، نظرا لاقتصارها على العشوائية في الانتخاب الترجمي، أو الهوية الضيقة.
ويقدم د. يوسف محمود عليمات بعض الاقتراحات والحلول التي
يراها ذات جدوى لإعادة ترجمة الشعر العربي إلى الأضواء والمكانة المناسبة التي
تليق بها ترجميا، مثل: عقد مؤتمرات علمية متخصصة دورية تعنى بواقع الترجمة،
والانتقال من حالة الترجمة/الترجمات الفردية إلى الترجمات المؤسساتية، وتخصيص
جوائز علمية قيمة للترجمات الشعرية، واستحداث مراكز ومؤسسات خاصة بالترجمة في
البلاد المستهدفة ترجميا وتحديدا الإنجليزية والفرنسية، وعقد اتفاقيات مع مؤسسات
ومعاهد بحث ترجمية أجنبية، والتواصل والتشبيك بين معاهد الترجمة في الوطن العربي،
وإيلاء ترجمة الشعر أهمية خاصة ومدعومة ماليا، والإفادة من تجربة الدول الرائدة في
مجال الترجمة، وإصدار مجلة/مجلات دورية تعنى بترجمة الشعر العربي إلى لغات العالم،
وتأسيس رابطة أو جمعية عربية من المترجمين المحترفين والمترجمين الشعراء تكون
مهمتها معرفية، أي معرفة أساليب الشعرية العربية في مرحلة ما بعد الحداثة، بغية
إنجاز ترجمات دقيقة لا تخل بجماليات معنى الشعر.
*عن موقع ميدل أيست أون لاين