تشظى في القرار السياسي الشيعي يواجه اتفاق السنّة والكرد
بغداد – وعد الشمري:
أبلغت الكتل السياسية رئيس الجمهورية برهم صالح بضرورة تكليف شخص يلقى إجماعاً وطنياً في مجلس النواب لمنصب رئيس الحكومة، وبرغم أن عملية الترشيح تخص الشيعة لكن قوى من المكون تحدثت عن “تشظي” في القرارات ومساع لهيمنة بعض الأطراف.
وفي مقابل ذلك، تبدو الكتل السنيّة والكردية متفقة على رؤية موحدة من خلال أشراكها في عملية اختيار الوزراء، ووضع منهاج لا يسهم في “إقصـاء وتهميـش” الشركـاء.
وقال النائب عن كتلة الحكمة جاسم البخاتي، في تصريح إلى “الصباح الجديد”، إن “عملية اختيار الوزراء من قبل رئيس الحكومة المكلف محمد علاوي قبل اعتذاره كانت تدور بينه وبين رئيس الجمهورية برهم صالح”.
وتابع البخاتي، أن “الشهر الماضي كان الجهد ينصب على أبعاد المكونات الرئيسة في مجلس النواب بحجة تشكيل حكومة مستقلة بعيداً عن الكتل لكن هذه الآلية نالها الفشل”.
وأشار، إلى أن “تجاوز الكتل في المباحثات لاسيما التي لها تاريخ في العملية السياسية وثقل انتخابي ليس فيه مصلحة، كما أن تفرد شخصين بالعملية ألقى بآثاره سلبياً وانتهى إلى فشل علاوي في تمرير حكومته”.
وأكد البخاتي، أن «عدداً من القادة السياسيين الشيعة مثل زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ورئيس تحالف الفتح هادي العامري ورئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي، التقوا رئيس الجمهورية في لقاءات منفردة خلال الأيام الماضية وبعد اعتذار علاوي، وابلغوه صراحة بأن الآلية السابقة يجب أن يجري الاستفادة من أخطائها وعدم تكرارها».
وبين، أن «التوجه السياسي الحالي هو أن يتم العمل على محورين في اختيار رئيس الوزراء الأول هو الاتفاق على شخص يلقى قبولاً من الشارع والمرجعية الدينية والكتل الشيعية، ومن ثم عرضه على الشركاء من الكتل الأخرى، لإبداء الملاحظات عليه حتى نصل إلى إجماع وطني».
أورد البخاتي، أن «ما يحصل لدينا هو الاتفاق داخل كتل معينة على مرشح وعندما تصل المرحلة للتكليف الرسمي أو اختيار الوزراء تأتي الاعتراضات من بقية المكونات السياسية ومن ثَمّ نعود إلى المربع الأول».
لكنه تحدث في الوقت نفسه، عن «تشظي في الكتل الشيعية وعدم اتفاقها على رؤية موحّدة، حيث كل طرف يعتقد بأن له الحق في قيادة البلاد على حساب الآخرين وهو ما أدى بنا إلى هذه المرحلة من الخلافات والفشل في الأداء السياسي».
ويسترسل النائب عن الحكمة، أن «هذه الحالة شجعت الأطراف السياسية من المكونات الأخرى السنيّة والكردية على أن تصعد من مواقفها ومطالبها مستغلة استمرار الخلافات في البيت السياسي الشيعي».
ومضى البخاتي، إلى أن «النتيجة كانت غياب الخطاب الوطني والإبقاء على الخلافات وعدم حلها برغم استمرار التظاهرات المطالبة بالإصلاح والقضاء على المحاصصة».
بدوره، لوّح النائب عن تحالف القوى العراقية يحيى المحمدي إلى أن «الكتل السنية والكردية متفقة على رؤية موحدة بشأن مواصفات من يتم تكليفه لمنصب رئيس الحكومة وآلية اختيار الوزراء».
وأضاف المحمدي، في حديث إلى «الصباح الجديد»، أن «رئيس الوزراء المقبل يجب ألا تتفرد في اختياره كتل سياسية معينة كما حصل مع علاوي، إنما يكون بتوافق بين قوى ومكونات مجلس النواب».
وشدّد، على «ضرورة أن يكون التكليف وفق ما نص عليه الدستور من مواقيت زمنية بوصفها الحاكمة في عملية التكليف وعدم تخطيها بأي شكل من الأشكال».
ويرى المحمدي، أن «التوافق على مرشح معين للمنصب ليس فيه صعوبة كما يروج له البعض، لاسيما مع المشكلات المتلاحقة التي تعاني منها المحافظات العراقية».
ودعا الكتل السياسية إلى «تحمل المسؤولية نتيجة المماطلة والتسويف وما حصل من تباين في وجهات النظر وتكليف مرشح لم ينل موافقة الشعب».
وأكمل المحمدي بالقول، إن «الكرة أصبحت الآن في ملعب القوى الشيعية واتفاقها على مرشح يلقى قبولاً سياسياً وشعبياً وعرضه على الشركاء وهو أمر ممكن الحصول وخلال أيام قليلة متى توافرت الإرادة على ذلك».
إلى ذلك، ذكرت النائبة عن الحزب الديمقراطي الكردستاني فيان صبري إلى «الصباح الجديد»، أن «الكتل السياسية تبحث حالياً عن إجماع وطني بشان عملية اختيار رئيس الوزراء المقبل».
وأضافت صبري، أن «الكتل الشيعية لم تكن متفقة جميعها على علاوي ومرشحيه للوزارات قبل اعتراض الكتل الأخرى وهو ما ينبغي عدم الوقوع به مجدّداً».
ونوّهت، إلى أن «الواقع الدستوري العراقي يحمل صفة برلمانية تعددية من والكتل داخل مجلس النواب هي من تصوت للحكومة، ومن ثم لا تجاهلها في اختيار الوزراء».
وطالبت صبري، «القوى الشيعية بأن تختار رئيس حكومة قادر على اختيار وزرائه بطريقة تعطي رسائل اطمئنان للكتل السياسية في عدم حصول تفرد في الحكم وتضمن شراكة حقيقية للمكونات الأخرى، ولا تسعى لتهميشها كما حصل في السابق».
وبينت، أن «العراق يحتاج إلى حكومة قادرة على إعادة الثقة مع الشارع ولا تخلق أزمات سياسية أو خلافات مع مجلس النواب، والمجازفة بتمرير من لا يستحق أمر لا يمكن المضي به، لاسيما مع وجود مساع لإجراء انتخابات مبكرة».
وانتهت صبري، إلى أن «المشكلة التي تواجهنا حالياً هي لا تتعلق بتوزيع الوزارات وترشيح شخصيات لها، لكن هناك مخاوف من النهج السياسي الذي يجب أن يكون محل ثقة لجميع المكونات وممثليها في مجلس النواب».
يشار إلى أن المهلة الدستورية لعملية تكليف رئيس الوزراء المقبل تنتهي في الـ 17 من الشهر الحالي، بالتزامن مع استمرار الحوارات بين الكتل السياسية لاختيار شخص بديل عن عادل عبد المهدي الذي استقال في الأول من شهر كانون الأول من العام الماضي، وعقبه اعتذار محمد توفيق علاوي عن تشكيل الحكومة.