في تقرير لمجلة فورين بوليسي:
الصباح الجديد ـ متابعة:
أدت اضطرابات سلاسل التوريد إلى إحداث خلل في الأسواق على المستوى العالمي، و سيما في آسيا.
وفي تقرير نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، قال الكاتب كيث جونسون إن الأثر الاقتصادي المتتالي لتفشي فيروس كورونا الجديد في الصين بات ملموسًا أكثر في جميع أنحاء العالم.
فقد تراجعت توقعات مبيعات شركة أبل بسبب اضطرابات سلسلة التوريد التي أدت بدورها إلى تباطؤ الأسواق العالمية وتخفيض الحكومات الآسيوية من آفاق نموها. في الوقت نفسه، انخفضت معنويات المستثمرين الألمان وسط تنامي مخاوف من أن الانتشار الواسع للفيروس سوف يُعرقل التعافي الناشئ للصناعات التحويلية العالمية.
جاءت تداعيات تفشّي الفيروس وجهود الصين لاحتوائه في وقت سيئ للغاية بالنسبة لاقتصادات بلدان مثل اليابان وألمانيا، التي بدأت لتوها في الانتعاش بعد عام اتسم بالكثير من الاضطرابات التجارية العالمية التي أثرت بدورها على صناعاتها وصادراتها. كما أثر الفيروس سلبًا على صناعة السيارات العالمية بشدّة، حيث طالت انعكاساته اليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا وربما حتى الولايات المتحدة.
وذكر الكاتب أنه على الرغم من إصرار الصين على استقرار معدل الإصابات الجديدة، إلى جانب إخبارها بعودة مواطنيها إلى ممارسة أنشطتهم بشكل طبيعي في وقت سابق من هذا الشهر، فإن الضرر الاقتصادي الذي خلّفه الفيروس يبدو واضحًا داخل الصين.
فلا تزال بعض القطاعات، مثل صناعة السيارات، متوقفة في الوقت الذي تعاني فيه المصانع من تغيب العمال ونقص كبير في سلسلة الإمداد. كما تلقت قطاعات الأخرى مثل التعدين والسفر والبناء وتجارة التجزئة ضربة كبيرة لأن المستهلكين والعمال الصينيين، الذين فُرضت عليهم قيود سفر وتنتابهم مخاوف من العدوى، أوقفوا معظم أنشطتهم المعتادة.
وحسب ما ورد في إحدى مذكرات مجموعة وود ماكنزي الاستشارية، “يبدو من المحتمل بشكل متزايد أن فبراير/شباط الجاري سيكون بمثابة ضربة اقتصادية للصين”. ويتوقع معظم المتنبئين أن يتراجع نمو الاقتصاد الصيني في الربع الأول من العام قبل أن يتعافى بفضل الحوافز التي ستقدّمها الحكومة في وقت لاحق من العام.
وأشار الكاتب إلى أن المعنويات بشأن آفاق النمو في الصين آخذة في التدهور. في هذا الصدد، يظهر استطلاع جديد أجراه مديرو صناديق بنك أوف أميركا أن كبار المستثمرين يتوقعون أن تستقر معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني بنسبة تتجاوز قليلا 5% سنويا على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة.
ووفقا لشركة وود ماكنزي الاستشارية، المحتمل أنه سيكون من الصعب أن يتعافى الاقتصاد الصيني بسرعة رغم الجهود التي تبذلها بكين لتعزيز الإقراض وخفض أسعار الفائدة.
إلى جانب ذلك، كان من المفترض أن تستمر الشركات الصغيرة والمتوسطة في دفع رواتب العمال الغائبين خلال فترة إغلاقها، لكن الكثير منها لن تكون قادرة على دفع الرواتب نظرا لتقلص إيراداتها.
وهذا يعني انخفاض الدخل المتاح للمستهلكين. وهو ما سينجرّ عنه تحويل فترة التوقف المؤقتة في نسبة الطلب على الصعيد المحلي على السلع الاستهلاكية إلى تدمير دائم محتمل لقاعدة الطلب.
وأكد الكاتب أنه على الرغم من حدوث معظم حالات العدوى بالفيروسات والوفيات داخل الصين، فإن التداعيات الاقتصادية أصبحت واضحة بشكل متزايد بين جيرانها الآسيويين. على خلفية ذلك، أعلن رئيس كوريا الجنوبية مون جي إن بشكل أساسي يوم الثلاثاء حالة طوارئ اقتصادية، ودعا إلى اتخاذ تدابير للحدّ من الأضرار التي لحقت باقتصاد الصين.
من جهتها، خفضت سنغافورة توقعاتها للنمو هذا العام، وتخطط إلى تقديم حزمة من الحوافز بمليارات الدولارات لتعويض خسائر النشاط الاقتصادي. كما خفضت تايلند وماليزيا توقعات النمو الخاصة بهما.
وتخطط ماليزيا لاتخاذ تدابير تحفيزية اقتصادية لاحتواء الضرر. في المقابل، فإن اليابان، التي توجد بها أكثر حالات الإصابة بالفيروس خارج الصين، من المحتمل أن تواجه تحديّات أكبر بعد أن تراجع نمو اقتصادها في الربع الأخير من العام.
وأشار الكاتب إلى أن شركات صناعة السيارات اليابانية مثل تويوتا ونيسان تشهد تعطّلاً في الإنتاج في المصانع الصينية واليابانية على حد سواء، نظرا للشلل الذي تشهده السياحة الصينية في الوقت الحالي. وهذا من شأنه أن يزيد من مخاطر حدوث ركود في اليابان، التي أطلقت حزمة تحفيز اقتصادي ضخمة في أواخر العام الماضي، وقد تحتاج إلى ضخّ المزيد من الأموال لتفادي حدوث أزمة كاملة.
أوضح الكاتب أن الشركات الصينية التي تعمل في مشاريع مبادرة «حزام واحد طريق واحد» حول جنوب شرق آسيا ستتكبد خسائر فادحة جراء التأخير وارتفاع التكاليف الناجمة عن تعطل سلسلة الإمداد وانقطاع العمال عن مزاولة أنشطتهم.
ومن المرجح أن تشهد البرازيل، التي تعتمد على السوق الصينية كأكبر شريك تجاري لها، تباطؤا في نسبة النمو هذا العام بسبب تداعيات انتشار المرض.
ومن المحتمل أن يؤدي التباطؤ إلى عرقلة خطط الولايات المتحدة لزيادة صادرات المنتجات الزراعية والطاقة والسلع المصنعة إلى الصين بشكل كبير. من جهة أخرى، تأثرت نسبة إنتاج شركات صناعة السيارات الأوروبية مثل فولكس فاغن، لاسيما في المصانع التي توجد داخل الصين.
وهناك الآن مخاوف متزايدة من حدوث اضطرابات إضافية في سلسلة التوريد التي قد تؤثر سلبا على المصانع الأوروبية.