من بين اهم مكامن القوة لأي نظام سياسي التعامل بصدقية مع الشعب واذا كانت الانتخابات التشريعية وما يسبقها من تسويق اعلامي وسياسي يستهدف التأثير في الرأي العام واقناعه بالبرامج التي يعرضها المرشحون في حملاتهم الانتخابية فان الوفاء بالوعود والعهود ما بعد الانتخابات يشكل حجر الزاوية في تثبيت أسس أو ركائز الصدق لدى ممثلي الطبقة السياسية وخلاف ذلك فان الريبة والشكوك ستكون هي السائدة لدى الجمهور ويتنامى الاحساس بالكذب وفقدان الثقة مع مرور الوقت لدى هذا الجمهور.
وفي العراق قدم ممثلو الطبقة السياسية نماذج سيئة لهذه المقاربة وجرى اختبار اخلاقي لقادة وزعماء وأعضاء في مجلس النواب ووزراء ومدراء في السلطة التنفيذية لدورات متعددة وقد فشل في هذا الاختيار الاعم الاغلب من هؤلاء مما ولد مظاهر الاستياء لدى الجمهور وتسبب بزعزعة الثقة بالعملية السياسية والنظام السياسي برمته والاخطر والاسوأ الذي نشاهده اليوم هو هذا التسويف والمماطلة والرهان على الزمن خلال التعاطي مع هذه التظاهرات الواسعة والممتدة في وسط وجنوبي العراق والاستهانة بالدم العراقي والتضحيات الكبيرة التي قدمها شباب بعمر الورود من دون ان تكون هناك وقفة اخلاقية وانسانية تسترجع القيم التي تربى عليها الشعب في تاريخه الطويل حيث خيب ممثلو الشعب العراقي ومن خلفهم الوزراء الآمال والظنون وهم يرون في كل يوم دفعات متتالية من التضحيات وقرابين على طريق الاصلاح والتغيير من دون ان يقابلوها بموقف يرتقي إلى مستوى هذه التضحيات مثلما يحصل في دول أخرى تحترم ارادة الشعب وخياراته وحيث يقدم عدد من الزعماء والمسؤولين فيها على تقديم استقالاتهم عن قناعة ومن دون ضغوط أو ينأون بأنفسهم عن الانتهاكات التي يتكرر ارتكابها في مفاصل كثيرة من عمل الدولة ومن بين اسوأ الممارسات التي تكشفت أمام العراقيين هي إصرار أحزاب وكتل سياسية وشخصيات نافذة على منع واعاقة تنفيذ الاستحقاقات المتعلقة بالإصلاحات وتنفيذ مطالب المحتجين والرهان على الزمن من دون أي وازع اخلاقي ومن دون أي شعور وطني بشكل يثبت بأن هناك من لا ينتمي لهذه البلاد وقيمها ولا ينتمي للإنسانية أيضا .
د. علي شمخي