المحتجون قد يفرضون حصاراً أعمق على الحقول
الصباح الجديد ـ وكالات :
توقف عمليات تصدير النفط في ميناء خور الزبير الواقع في ناحية خور الزبير غربي البصرة بعد اغلاق الطرق المؤدية للميناء من قبل المتظاهرين.
وكان محتجون اغلقوا الاثنين مدخل الميناء القريب من البصرة ومنعوا الموظفين والشاحنات من دخوله مما أدي لتراجع العمليات بنسبة 50 بالمئة.
وسبق إغلاق مداخل الميناء من 29 تشرين الأول إلى التاسع من تشرين الثاني مع استئناف وجيز للعمليات بين السابع والتاسع من تشرين الثاني.
ويستقبل ميناء أم قصر، وهو الميناء الرئيس للعراق على الخليج، شحنات الحبوب والزيوت النباتية والسكر لبلد يعتمد بدرجة كبيرة على واردات الغذاء.
وعاد متظاهرو البصرة وميسان، إلى إشهار ورقة حقول النفط والموانئ في وجه الحكومة، وذلك بعد أيام من إخلاء الطرق المؤدية إلى الحقول النفطية التي يستخرج منها أغلب إنتاج العراق.
ويرى مسؤولون في قطاع النفط وخبراء اقتصاد أن إغلاق المتظاهرين للطرق بمثابة رسالة إلى الحكومة بإمكانية التصعيد عبر استخدام سلاح الاقتصاد، مشيرين إلى أنهم كثيرا ما يلجؤون إلى إغلاق الطرق لبضع ساعات ثم يفتحونها من تلقاء أنفسهم.
وقال مسؤول نفطي عراقي، إن «برغم استمرار عمليات الاستخراج والتصدير، إلا أن هناك مخاوف من أن رسائل المتظاهرين لن تبقى على هذا النحو، وقد يجري تصعيدها بشكل أكبر، وخصوصاً أن هناك شركات أجنبية عاملة بالجنوب وتتعامل مع الجانب الأمني بحذر كبير». وقطع متظاهرون، الإثنين، الطرق المؤدية إلى عدد من المنشآت النفطية في محافظة البصرة هي بئر 20، وحقول البرجسية النفطية، إضافة إلى قطع طريق الموانئ المار عبر خور الزبير، وقبل ذلك أغلقوا طرقا تفضي إلى حقل مجنون النفطي، وميناء أم قصر الحيوي، الذي جرى إيقاف العمل به أكثر من مرة.
كما قطع مئات المحتجين الطريق الرئيس المؤدي إلى المصفاة النفطية في كربلاء، وأغلق اخرون حقول نفط ميسان، وأغلقوا الشركة النفطية الكبيرة في المحافظة، قبل إعادة فتح هذه المرافق في وقت لاحق بعد مفاوضات مع المحتجين.
وتأتي تحركات المتظاهرين، بينما قال رئيس نقابة العاملين في النفط والغاز جعفر جواد جعفر، في بيان، يوم الأحد الماضي، إن النقابة قررت المشاركة في إضراب عام «احتجاجاً على الأوضاع المزرية التي يعاني منها أبناء الوطن، والمطالبة بالحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية التي كفلها الدستور، ومساندتنا الكاملة للمتظاهرين في عموم العراق».
وأكد ناشطون أن إغلاق الموانئ وحقول النفط، يعد من أبرز الأدوات المؤثرة في الضغط على الحكومة. وأشار محمد حسين 21 عاماً، وهو أحد المتظاهرين في الزبير بالبصرة، بيده نحو ميناء أم قصر التجاري قائلا «ماذا استفدنا منه؟ لا ماء ولا كهرباء ولا خدمات ولا مدارس ولا مستشفيات، كل خيراته تذهب للأحزاب وأتباعهم».
وقال حسين إن «قطع الطرق يعني قطع السرقة والفساد وبقاء خيرات العراق داخله أفضل بالوقت الحالي»، مضيفاً: «هذه البداية وسنغلق كل شيء في المرات المقبلة».
وأشار إلى أن «مطالب المحتجين أمام الموانئ وحقول وشركات النفط متعددة تراوح بين إقالة الحكومة وحل البرلمان ومحاسبة قتلة المتظاهرين، إلا أن المطلب الأبرز والأهم والذي من أجله خرجت التظاهرات هو حصول الشعب على حقه من الأموال التي تنهب من قبل السياسيين».
ويشهد العراق، منذ 25 تشرين الأول، موجة احتجاجات متصاعدة مناهضة للحكومة هي الثانية من نوعها بعد أخرى سبقتها بنحو أسبوعين.
وكان المحتجون قد طالبوا في بداية التظاهرات بتحسين الخدمات العامة، وتوفير فرص عمل، ومكافحة الفساد المستشري في أجهزة الدولة المختلفة، قبل أن يرفعوا سقف مطالبهم إلى إسقاط الحكومة، إثر استخدام الجيش وقوات الأمن العنف المفرط بحقهم، وهو ما أقرت به الحكومة، ووعدت بمحاسبة المسؤولين عنه.
وأخذت التظاهرات في الأيام الأخيرة منحى جديداً عبر قطع الطرق الرئيسة المؤدية إلى عدد من حقول النفط والموانئ والمنافذ البرية، إذ يرون أن عائدات هذه القطاعات لا تذهب لتحسين مستويات المعيشة، بينما تقول الحكومة إن استمرار إغلاق منشآت الطاقة والمنافذ والموانئ، يتسبب في خسائر مالية تقدر بالمليارات.
وفي السادس من تشرين الثاني الجاري، قال عبد الكريم خلف المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة (رئيس الحكومة عادل عبد المهدي) إن خسائر العراق بسبب إغلاق ميناء أم قصر عدة أيام بلغت 6 مليارات دولار.
بينما قال مسؤول كبير في وزارة النقل لـ»العربي الجديد» إن وزارته هي المعنية بتقدير الخسائر إن وجدت وليس أي جهة أخرى، من دون إعطاء تفاصيل حول الخسائر المقدرة.
وقال جاسم الفتلاوي الخبير الاقتصادي، إن «استمرار التظاهرات على منحى تصاعدي سيؤجل بالتأكيد مساعي الحكومة في الإعلان عن جولة تراخيص نفطية جديدة أمام الشركات العالمية النفطية».
وأضاف، أن «التظاهر أمام حقل نفط له وقع سلبي ليس على الحكومة فحسب، وإنما على شركات النفط التي تراقب الفرص الاستثمارية في العراق».
وتابع أن «المتظاهرين يضغطون على مرفق حيوي لذا قد تكون البصرة وميسان أولى المحافظات التي ستسترضيها الحكومة في الوظائف أو الخدمات».
وتراجعت صادرات العراق من النفط على أساس شهري في تشرين الأول الماضي، إلى نحو 106.8 ملايين برميل، في مقابل 107.2 ملايين برميل في أيلول، على وفق بيانات صادرة عن وزارة النفط، مطلع الشهر الجاري، مشيرة إلى أن الإيرادات انخفضت إلى 6.1 مليارات دولار، في مقابل 6.3 مليارات دولار.
وعلى وفق البيان، بلغ مجموع الكميات المصدرة من حقول وسط وجنوب العراق، نحو 103.5 ملايين برميل. والعراق هو ثاني أكبر منتج للنفط الخام في منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» بعد السعودية، بمتوسط إنتاج 4.6 ملايين برميل يوميا.