ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية يفاقم معاناة مواطنيها
الصباح الجديد ـ وكالات:
أُغلقت البنوك والمدارس في لبنان أمس الثلاثاء مع بداية موجة اضطرابات جديدة وسط جهود سياسية عاجلة لتشكيل حكومة جديدة تنتشل البلاد من أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990.
وقال قيادي نقابي إن أفرع البنوك أُغلقت من جديد نتيجة مخاوف بشأن سلامة العاملين الذين يخشون عملاء يطالبون بسحب أموالهم ومحتجين تجمعوا عند البنوك. وأغلقت البنوك أبوابها نحو نصف أيام شهر تشرين الأول.
وتؤجج الاحتجاجات غضب تجاه النخبة الحاكمة في لبنان التي يُعتقد على نطاق واسع أنها عاصرت تفشي الفساد في الدولة على مدار عقود.
وتسعى البنوك لمنع نزوح رأس المال بفرض قيود على سحب الدولار والتحويلات للخارج.
وقال جورج الحاج رئيس اتحاد نقابات موظفي مصارف لبنان إن الاتحاد يسعى للاجتماع مع جمعية مصارف لبنان لاتخاذ قرار بشأن كيفية العمل معا لحل القضية كي لا يتعرض موظفو البنوك لمضايقات.
وتابع أن ماكينات الصرف الآلي ستُزود بالنقد كي لا يشعر المودعون بأن الإضراب عقاب لهم.
قال حاكم مصرف لبنان يوم الاثنين إن الودائع المصرفية مؤمَّنة، وإن لدى البنك المركزي القدرة على حفظ استقرار الليرة اللبنانية المربوطة بالدولار.
وأبلغ رياض سلامة مؤتمرا صحفيا نقله التلفزيون أن فرض قيود على حركة رؤوس الأموال غير وارد وأنه لن يكون هناك خفض لقيمة الودائع.
وأُغلقت المدارس أمس الثلاثاء، وأعلن وزير التعليم القرار يوم الاثنين وقال إن السبب هي الدعوات لإضراب أوسع نطاقا واحتراما لحق الطلبة في التعبير عن رأيهم.
وانزلق لبنان إلى اضطراب عميق في 17 تشرين الأول عندما اندلعت موجة احتجاجات غير مسبوقة في أرجاء البلاد تسببت في استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري في 29 تشرين الأول.
في السياق، طال لهيب التظاهرات التي تعصف بالشارع اللبناني منذ نحو شهر حياة المواطنين، الذين تدهورت ظروفهم المعيشية، الصعبة أصلا، وكانت العملة «الليرة» في مقدمة الضحايا، الأمر الذي تسبب في ارتفاع الأسعار على نحو لافت.
ومنعت المصارف الدولار عن المودعين، ووفره صرافون احتكروا عمليات بيعه وشرائه بأسعار تخضع للعرض والطلب والظروف السياسية.
ووصل سعر صرف الدولار في السوق الموازي الى 1800 ليرة، في مقابل سعره الرسمي في المصارف 1500 ليرة لبنانية.
وتجلت أولى انعكاسات أزمة سعر الصرف في قطاعات حيوية هددت بالإضراب مرارا كقطاع المحروقات ومستوردي القمح والأدوية، بسبب خسائر تكبدها المستوردون لشرائهم الدولار بأسعار مرتفعة، لتسديد فواتير بضائعهم.
وسارع مصرف لبنان المركزي إلى احتواء الأزمة ووعد بفتح اعتمادات مصرفية تؤمن لمستوردي هذه المواد الحيوية الدولار بالسعر الرسمي، في حين ترك المستوردون في مهب رياح أسعار السوق الموازي.
ودخلت البلاد اليوم في أزمة غلاء مفاجئ في المواد الاستهلاكية بسبب رفع التجار أسعار بضائعهم التي يشترونها بالدولار.
ويقول الأستاذ الجامعي خليل جبارة إن التجار يحمّلون البوم المستهلكين فرق سعر صرف الدولار ليحافظوا على أرباحهم.
وإذ قدّر جبارة أن نسبة الارتفاع تتراوح بين 10 و20 في المئة، لفت إلى أن جشع العديد من التجار دفعهم لرفع أسعار مواد تم استيرادها قبل بدء الأزمة.
ولا يعتبر سعر صرف الدولار سببا وحيدا لارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية. فموازنة الدولة لعام 2019 تضمنت ضرائب جديدة ومتشعبة على مواد استهلاكية عدة.
وزادت الموزانة 3 في المئة على كل المواد المستوردة، وفرضت رسوما نوعية تراوحت بين 3 و25 في المئة على البضائع التي تنافس منتجات محلية الصنع، تحت عنوان حماية الصناعة المحلية.
وتتشعب أسباب الأزمة مع الإجراءات الاستثنائية التي بدأت المصارف اللبنانية بتنفيذها ومنع التحويلات المالية إلى خارج لبنان، ما حدّ من قدرة التجار على تحويل المبالغ المطلوبة لسداد فواتير بضائعهم، أو تقليص كمياتها لتناسب حجم التحويلات المسموح بها.
وأكد رئيس جمعية حماية المستهلك في لبنان زهير برو أن فرق الجمعية رصدت ارتفاعا كبيرا في أسعار الكثير من المواد الاستهلاكية كان بينها: خضار: 27 في المئة، فواكه: 2 في المئة، لحوم: 7 في المئة، ألبان وأجبان: 3 في المئة.
وشهدت مناطق عدة في لبنان ارتفاعا في سعر كيس الخبز، قبل أن يقوم المواطنون بتقديم شكاوى ضد التجار والتأكيد على أن سعر الربطة محدد في ظل دعم الدولة للقمح المستورد.