-1-
لا نملك الاّ التقدير العالي والتبجيل والاحترام لتلك الصفوة الطيّبة من الخطباء الرساليين الذين نذروا انفسهم لخدمة الاسلام ولم يبارحوا ذِكْرَ أبي الأحرار الامام الحسين (ع) بفتوحاته وملاحمه ومواقِفِه وشرح خُطبِهِ وما بثّه فيها من دروس ملهمة، وعظات بالغة، ناهيك عما رَسَمَهُ بدمه الزكي من مسارات متوهجة في درب الكرامة والحرية والحياة الصالحة .
-2-
انّ المشاهير مازالت ذكراهم ماثلةً في الاذهان رحمهم الله تعالى جميعاً .
واذا كنا لم نعاصر السيد صالح الحلي، ولا الشيخ محمد علي قسام وطبقتهم فاننا عاصرنا الشيخ محمد علي اليعقوبي والسيد الشهيد الجواد من آل شبر والشيخ الوائلي ، والمسيرة حافلة بالكثير من الاعلام المعاصرين،يرقون المنابر في شرق الارض وغربها ابتداءً بالصين وانتهاء بما وراء البحار مروراً بالقارتين الآسيوية والأفريقية حفظهم الله وسدّد خطاهم …
ففي خلال العشرة الاولى من المحرم تنعقد المجالس الحسينية في معظم انحاء المعمورة تُحيي ذكرى الطفوف لتحيا بها ..
-3-
وليست مهمةُ الخطيب محصورةً بالجانب المأساوي من قضايا الطف فقط، فليس صحيحا على الاطلاق ان ينحصر دوره في الإبكاء واثارة أمواج الفجيعة والاحزان، ذلك ان الحسين ع عَبْرةٌ وعِبرة …
فلا بد ان يكون العمل ضمن خطين متوازيين :
خط التعريف بجوهر القضية الحسينية واهدافها ومبادئها ، والتي هي قضية الاسلام في مواجهة التحديات والمؤامرات في كل عصر ومصر
وهذا يعني أنَّ ملف الاصلاح الاجتماعي والتغيير للواقع الفاسد هو المفردة الأولى التي لابد ان تنصب عليها جهود الخطيب ومن خلال ملف الاصلاح تطرح الرؤى الحسينية ، ويشرح المنهج الحسيني بكل دقة ووضوح .
وبمقدورنا القول :
إنَّ الاسلام عقيدةً وشريعةً وأخلاقاً وتاريخاً يُقدّم للجماهير المؤمنة في صِيغٍ رصينة مُلهمة تبني النفوس وتدفع بالجماهير نحو الاقتداء بِسِيرةِ سيد الشهداء ( عليهم السلام)
واما الخط الاخر : فهو التعريف بفجائع الطف وأهواله ومصائبه وما حلّ بأهل بيت النبوة من محن تنخلع لها القلوب .
فالبكاء على الحسين مطلوب لان هذا البكاء يحمل من معاني الولاء والتفاعل مع القضية الحسينية ومن معاني الانسانية ما يجعله في مصاف الأعمال المهمة، وهو الى ذلك مصداق من مصاديق المواساة للرسول (ص) وللوصي (ع) وللزهراء البتول (ع) ولأئمة الهدى من اهل البيت عليهم السلام بمصابهم الكبير بالامام الحسين
وكما قال الامام الحسن (ع)
( لا يوم كيومك يا ابا عبد الله )
وحرارة القلوب على المصاب لن تبرد أبداً
-4-
واذا كان من الصحيح القول :
بصعوبة المطالبة بأنْ يكون الخطباء الحسينيون كلهم على درجة واحدة عالية من القدرة على الايفاء بمتطلبات الخطين المتوازيين المذكورين ، فان من الصحيح أيضاً أنْ يقال :
ان الحد الأدنى لابُدَّ ان يكون موجوداً.
والحد الادنى هو الدوران حول الثوابت في الشريعة، وفي قضايا الطف، والبعد عن كل الخرافات والاباطيل والاكاذيب
لاحظنا ان بعض الخطباء الذين لم يصلوا الى موقع القبول يقرأون نصوصاً شعرية جاءت على لسان بعض الموالين للامام الحسين ع ويجعلونها نصوصاً مقدّسة مع انها ليست الا أخيلة وتصورات عاطفية
والسؤال الأن :
لماذا لا تجعل الآية القرآنية المباركة أو الحديث الشريف النص الذي تقدّمه في خُطبتِك وتعمد الى شرحه وتفصيله للناس ؟
-5-
ولقد ابتليتْ المجالس الحسينية اخيراً بنماذج لا تحمل من العلم والادب والمعرفة والثقافة شيئا، فضلاً عن غياب الورع والتدين والاخلاق ..
وهي لا تبحث الاّ عن انتفاعات شخصية عبر الانتساب الى مؤسسة المنبر الحسيني الشريف، ويزج بعضهم نفسه في مشكلات ومطبات مهلكة، تسيء الى الدين، وتضر بسمعة المؤمنين، ولا تليق بمجالس الحسينيين .
-6-
الحل هو اختيار الاكفاء من الخطباء والعباد غير الاكفاء من المجالس الحسينية وليس بالمقاطعة للمجالس الحسينية .
مع الخطباء الحسينيين
التعليقات مغلقة