اسهم الاستقرار الامني الذي اعقب تحرير المدن المغتصبة من داعش وعودة الجزء الاغلب من النازحين الى مدنهم وقراهم في الموصل والانبار وصلاح الدين وديالى اسهم في فسح المجال للمبادرات السياسية والاقتصادية لانتشال العراق من الركود والازمة المالية التي ماتزال آثارها بادية على مظاهر الحياة في مفاصل عديدة من الانشطة العامة والخاصة وكان يمكن لحكومة السيد عادل عبد المهدي ان توظف امكاناتها في سبيل تعزيز مقدرات الاقتصاد مع التعافي الواضح في اسعار النفط وانتفاء الحاجة لصرف الاموال الطائلة على النشاطات العسكرية والامنية التي رافقت عمليات التحرير الا ان المبادرات الخجولة والبدايات المتواضعة لهذه الحكومة اسقطت التوقعات بقدرة العراق على النهوض بقوة امام التراجع الكبير على مستوى الخدمات وعلى مستوى مكافحة الفقر ووقف التدهور على مستوى دخل الفرد وتنامي البطالة والاهمال الواضح في تطبيق مشروع المبادرة الحكومية التي جرى الاعلان عنها ومنحها الاولوية في ملف (مكافحة الفساد ) مما يدفع بقوة نحو تأييد الاصوات التي تقول بأن عبد المهدي فرط ويفرط بفرصة عظيمة توفرت له وكان يمكن له تثبيت وتأكيد موقف رسمي وترك بصمة تنتمي الى حقبته الوزارية الا اننا ومع اقتراب حكومة السيد عبد المهدي من طي صفحات سنتها الاولى نرى ان تهديدا حقيقيا بات يلوح في الافق ويمكن له ان يطيح بكل المنجزات التي تحققت في حكومة السيد حيدر العبادي ويمكن ان يزعزع ايضا حالة الاستقرار النسبي الذي تعيشه القطاعات العامة في العراق الا وهو التعقيد في المشهد السياسي العام والتدخلات الواسعة في الشأن الحكومي ومحاولة فرض مواقف فئوية وحزبية على حساب المصلحة العراقية العليا خاصة فيما يتعلق بالموقف من الصراعات الاقليمية في المنطقة والمحاولات لجر العراق الى انتهاج سياسات غير واقعية لا تتسق مع قدراته وقد لا تتوافق مع الارادة الشعبية والصالح العام ومن يراقب المشهد السياسي والتصريحات المتفاوتة لمكونات سياسية منتظمة تحت لواء القبة التشريعية او ممثلة في التشكيلة الوزارية يدرك مستوى التعقيد في المشهد السياسي العراقي برمته وباتت القضايا الخلافية بين الحكومة وفصائل الحشد الشعبي وبين الحكومة وبعض الشخصيات المعارضة في قضايا تفجير مخازن الاسلحة وفي ملف المفقودين والمغيبين اشبه بكرة النار المتدحرجة التي يمكن لها ان تحرق النجاحات المتحققة بفعل تكاتف وتعاضد كل القوى العراقية التي تتبادل اليوم الاتهامات في هذه القضايا والملفات . وسيكون من العقلانية ان يتم التباحث والتشاور فيها بهدوء وحكمة بدلا من ان تكون مادة دسمة لوسائل الاعلام التحريضية وبدلا من ان تكون مادة جاهزة لاستعراض المهاترات السياسية لبعض المتصيدين في المشهد العراقي والذين يعتاشون على الفتن والازمات .
د. علي شمخي