ما أن خرجت من باب الدار ولسان حالي يردد الجملة الصباحية التي اعتدنا عليها “أصبحنا وأصبح الملك لله، اللهم إني أسالك خير هذا اليوم وخير ما فيه” .. حتى أصبحت وجهاً لوجه أمام جاري المتقاعد الذي كان يبدو أن “نفسيته” الصباحية مفتوحة للكلام.. مد يده لي وهي تحمل صحيفة وقال لي: طالع هذا الخبر.. وأريد أن أستطلع رأيك فيه!
قلت له: وهل هذا الخبر من الأهمية بحيث يستحق مناقشته في الصباح الباكر؟
قال: اقرأ الخبر وسوف ترى!
قلت له: أمري الى الله.. وبدأت أطالع الخبر الذي يقول..”استطاع المولود الجديد لنجمة تلفزيون الواقع وعارضة الأزياء الأمريكية كيم كاردشيان أن يجذب أكثر من “5 ملايين” من متابعيها، وذلك بعد نشرها أول صورة واضحة له، وحقق “سالم ويست” – وهو اسم المحروس- البالغ من العمر شهرين فقط أكثر من “5 ملايين” إعجاب عبر حساب والدته على موقع انستغرام للتواصل الاجتماعي! “
وما أن انتهيت من الخبر حتى قال: أسالك بالله ما هو السر وراء هذه الملايين التي أبدت أعجابها بطفل لم يتجاوز عمره 60 يوماً ..؟
وواصل جاري حديثه بحماسة وطنية قائلاً: في الوقت الذي لم تحصل فيه “تغريدات” أو مواضيع الكثير من “السياسيين” عندنا على “لايكات ” أو اعجابات إلا على ما لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة!
حاولت التهرب من الإجابة قائلاً: يبدو أن صور الأطفال وابتساماتهم البريئة تجذب المشاهدين والقراء في كل مكان أكثر من صور الكبار بشواربهم التي لم تهزّها الريح!
امتعض جاري من إجابتي وقال: يبدو أنك لا تريد أن تضع إصبعك على الجرح وتشفي غليلي!
واستمر في خطبته الصباحية قائلاً: هل من المعقول أن ابن كاردشيان يحصل على خمسة ملايين إعجاب وهؤلاء “هبياض” أي صفر من الإعجابات… هؤلاء الذين يصدعون رؤوسنا ليل نهار في الفضائيات.. وكل واحد منهم يحمل رزماً من الوثائق يلوّح بها للجمهور والمشاهدين.. يهدد هذا ويبتز ذاك.. تاركاً مناقشة مواضيع مصيرية مهمة تحت قبة “البرلمان ” !
قلت له: باختصار أردد عليك ما قاله الفيلسوف برنارد شو عن أمثال هؤلاء وعدّه إجابة مني على كل ما ذكرته آنفاً، برنارد شو يقول: “هو لا يعرف شيئاً ويظن أنه يعرف الكثير إذن فهو يمتهن السياسة!”.
• ضوء
إذا انتخبت “الأشرار” فإن جميع عيوبهم منسوبة إليك!
عاصم جهاد