بذريعة تحقيق السلام في الشرق الأوسط..
متابعة ـ الصباح الجديد :
دعا جاريد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الفلسطينيين الذين يقاطعون ورشة المنامة الاقتصادية إلى إعادة النظر في موقفهم وانتهاز ما أطلق عليه «فرصة القرن» لتسوية النزاع العربي الإسرائيلي في الشرق الأوسط.
وجاءت دعوة كوشنر من المنامة عبر ورشة البحرين الاقتصادية التي تتضمن الشق الاقتصادي من خطة السلام الأمريكية في الشرق الأوسط أو ما يدعوه البعض «صفقة القرن».
وورشة «من السلام إلى الازدهار»، أول مؤتمر علني حول الخطة، لم تتضمن مع الجانب السياسي الذي من المستبعد أن ينص على قيام دولة فلسطينية مستقلة، والذي قد لا يُكشف عنه قبل تشرين الثاني المقبل.
وتقترح الخطة جذب استثمارات تتجاوز قيمتها خمسين مليار دولار غالبيتها لصالح الفلسطينيين، وإيجاد مليون فرصة عمل لهم، ومضاعفة إجمالي ناتجهم المحلي، على أن يمتد تنفيذها على عشرة أعوام.
لكن الفلسطينيين يقاطعون الورشة، قائلين إنه لا يمكن الحديث عن الجانب الاقتصادي قبل التطرق إلى الحلول السياسية الممكنة لجوهر النزاع.
وقال كوشنر في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للورشة التي تستمر يومين إن «التوافق حول مسار اقتصادي شرط مسبق ضروري لحل المسائل السياسية التي لم يتم ايجاد حل لها من قبل».
لكن كوشنر (38 عاما)، صهر ترامب وصديق عائلة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، قال في خطاب طغت عليه الأرقام وبدا فيه وكأنه رجل أعمال يقدم عرضا على شاشة، إن التوصل إلى حل سياسي أمر لا يمكن تجاوزه.
وأوضح أن «النمو الاقتصادي والازدهار للشعب الفلسطيني غير ممكنين من دون حل سياسي دائم وعادل للنزاع، يضمن أمن إسرائيل ويحترم كرامة الشعب الفلسطيني».
وأقر بوجود شكوك حيال نوايا ترامب الذي اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، إلا أنه دعا الفلسطينيين رغم ذلك إلى تبني الجانب الاقتصادي من الخطة قبل الدخول في السياسة. وتوجه إليهم قائلا «رسالتي ، هي أنه رغم ما يقول اولئك الذين خذلوكم في الماضي، الولايات المتحدة لم تتخل عنكم».
واعتبر أن الخطة الأمريكية لتحقيق السلام هي «فرصة القرن» بعدما أُطلق عليها في الإعلام تسمية «صفقة القرن». وأوضح «يجب الإشارة إلى هذا الجهد على أنه فرصة القرن إذا تحلت القيادة بالشجاعة لمواصلتها».
تصفية القضية
ويرى الفلسطينيون أن الخطة الأمريكية لتحقيق السلام تهدف إلى تصفية قضيتهم. وقال أمين سر منظمة التحرير الفلسطينيّة صائب عريقات في تغريدة إن «إدارة ترامب لم تتخل عن الفلسطينيين وحسب، بل تخلت أيضا عن السلام والعدالة والمبادىء الأساسية للإنسانية». وكان عريقات قد اعتبر في وقت سابق أن خطة «من السلام إلى الازدهار» «محكومة بالفشل» وتستند إلى فكرة أن «الإدارة الأمريكية تدعي معرفة ما هو الأفضل لمصلحة الشعب الفلسطيني».
بالمقابل، انتقدت إسرائيل السلطة الفلسطينية. وقال نتانياهو «لا أستطيع أن أفهم كيف يرفض الفلسطينيون الخطة الأمريكية قبل أن يستمعوا إلى تفاصيلها».
وشهدت عدة مدن فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة احتجاجات شارك فيها مئات، معبرين عن رفضهم للمؤتمر الاقتصادي، وأحرق متظاهرون في الخليل صورا لترامب وملك البحرين.
وفي قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس نفذ المواطنون إضرابا عاما وأغلقت المحلات والمطاعم أبوابها.
وتسود علاقات سيئة بين الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية منذ قرر ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها في 2017. وتواجه الدول العربية المشاركة في ورشة البحرين ضغوطا من الفلسطينيين.
وبين الدول العربية الـ22، لا تقيم إسرائيل علاقات دبلوماسية كاملة سوى مع الأردن ومصر. ويشارك هذان البلدان في ورشة البحرين على مستوى وكلاء وزارة المالية، وكذلك المغرب.
وأكدت السعودية امس الاول الثلاثاء، التي أوفدت وزير ماليتها محمد الجدعان على رأس وفد يضم مسؤولين آخرين، في بيان «دعمها جميع الجهود الدولية التي تهدف إلى ازدهار المنطقة». وجددت الرياض تأكيد «موقفها الراسخ تجاه القضية الفلسطينية وحلها على وفق مبادرة السلام العربية بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية «المحتلة».
الفشل هو النجاح
ومن بوابة الاقتصاد، جمعت الإدارة الأمريكية في الفندق الفخم في البحرين في قاعة حفل العشاء الافتتاحي مساء امس الاول الثلاثاء، مسؤولين من دول خليجية وعربية، مع مسؤولين غربيين، وممثلين لإسرائيل التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع البحرين.
ويتواجد صحافيون إسرائيليون في البحرين بعدما حصلوا على تصريح خاص من البيت الأبيض لحضور المؤتمر الاقتصادي، في سابقة في المملكة الخليجية. وتحظر غالبية الدول العربية دخول الإسرائيليين، باستثناء من يملكون جوازا ثانيا.
وتجد دول الخليج نفسها تتشارك مع إسرائيل القلق حيال إيران، الأمر الذي يعززه التوتر المتصاعد بين طهران وواشنطن. ومن المقرر أن يتحدث في اليوم الثاني من المؤتمر رجال أعمال ورؤساء مصارف التنمية الدولية حول آفاق الخطة الفلسطينية. وقال رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار صاحب شركة «إعمار» الذي اعتلى المنصة بعد كوشنر بأن العرب الآخرين يأخذون مصالح الفلسطينيين في الاعتبار. وقال «أشعر بأني أمثلهم، لأن فلسطين وشعبها قصتي. القضية الفلسطينية قريبة من قلبي». وأمل العبار أن تنطلق تنمية المناطق الفلسطينية بسرعة، قائلا إنه بوجود «بيئة جيدة يمكن أن أعمل فيها، لا حدود لما يمكن إنجازه».
وأرسلت دول الخليج التي يتوقع أن يقع تمويل المشاريع على كاهلها في حال تم المضي قدما بالخطة وفودا قوية، لكن دولا أخرى كانت أكثر تحفظا. وبحسب ريتشارد لوبارون، وهو دبلوماسي أمريكي سابق في الشرق الأوسط، فإن إدارة ترامب كانت تدرك تماما أن الفلسطينيين لن يشاركوا في المؤتمر. لكن الباحث في مركز «أتلانتيك كونسل» أوضح أن المؤتمر في البحرين سيتيح فرصة لكوشنر ليدعي أن القادة الفلسطينيين لا يهتمون بمصالح شعبهم، بينما يقوم هو بتقديم مصالح إسرائيل.
وكتب لوبارون في تحليله إن «‘فشل ورشة المنامة سيمثل نجاحا لإستراتيجية ترامب».