الاوضاع الاقليمية والدولية التي تحيط بالعراق تتطلب دراية وحنكة وحكمة في كيفية التصرف او اتخاذ المواقف المناسبة تجاهها ولا يكفي ان يعبر رئيس الوزراء السيد عادل عبد المهدي عن حقيقة الموقف العراقي تجاه جملة من الاحداث والتطورات التي تظهر بين حين وحين آخر واذا كان محمودا ومهما ومفيدا ان تكون رؤية السيد عبد المهدي قادرة على تلمس ما ينفع العراق في هذه التطورات ومايبعده ويجنبه عن الاخطار المتوقعة فان الاهم برأينا ان تكون هناك سياسة ممنهجة تتبع مجموعة من التعليمات والتوجيهات تكرس لثقافة عراقية مستقلة تتبنى وجهة نظر الدولة العراقية وتتعدى مصالح الاحزاب في السياسات العامة وتأخذ بنظر الاعتبار خصوصية موقع العراق الجغرافي وتنوعه الاجتماعي وتعدد قومياته واديانه ومذاهبه بما يجعل الخطاب الوطني العراقي خطابا موحدا جامعا يلتقي عنده جميع العراقيين دفعا لأي شر متوقع ولايبدو الامر هينا في هذا التوجه وهذا المسعى فثمة اصوات ماتزال تغرد خارج سرب الوطنية العراقية ولا تكترث للأخطار المحدقة التي يمكن ان تتطور فيها الاحداث ونحن هنا نتحدث بالخصوص عن ملف حساس ومهم جدا هو ملف العلاقات الاميركية – الايرانية وتصاعد لهجة الخطاب العدائي بينهما بعد القرار الاخير الذي تبناه الرئيس الاميركي دونالد ترامب وصنف فيه الحرس الثوري الايراني على انه من التنظيمات الارهابية وردود الافعال الايرانية تجاه هذه الخطوة التصعيدية وفي هذا المفصل وما سيعقبه من تطورات على العراق ان يجتهد كثيرا ويبذل الجهود من اجل ترصين ساحته الداخلية وعلى الحكومة ان تكثف من اتصالاتها مع الاطراف السياسية وتديم التنسيق مع مجلس النواب وبقية الهيئات الرئاسية لبلورة موقف عراقي موحد يستشرف الاوضاع المستقبلية ويضع خطوطا عامة لأية قرارات عراقية مستقبلية تتعامل مع اي متغيرات محتملة في ملف العلاقات مع اميركا وايران وعدم ترك هذا الملف للارتجال والصدف والاجتهادات الشخصية كي لاتفسر اية تصريحات او مواقف منفعلة وعاطفية تعكس ولاءات عقائدية لربما تتعارض مع وحدة الموقف الوطني وتجر البلاد الى حافة التصادم والتقاطع مع قوى اقليمية او دولية ومن هنا فان ترك التصريحات في مثل المواقف للمسؤولين في وزارة الخارجية وتعميق ثقافة الخصوصية العراقية وعدّها نهجا وسلوكا سيجنب بلادنا الكثير من المنزلقات ويعزز من توحد العراقيين والتفافهم حول دولتهم ويمنحهم هيبة اكبر ومكانة اسمى .
د. علي شمخي