اثار قرار المحكمة الاتحادية الصادر بخصوص رد دعوى اقيمت ضد رئيس مجلس الوزراء اضافة لوظيفته، طلب فيها الحكم بعدم دستورية قرار المجلس القاضي باسترجاع الرواتب التي تقاضاها الموظفون الذين ثبت تزويرهم للشهادات الدراسية التي تم تعيينهم على ضوئها، اثار العديد من الأمور المهمة التي لابد من الوقوف عندها. ومن أهم تلك الأمور، دفاع البعض عن حالة غير قانونية ومخالفة صادرة من قبل اشخاص ترقى الى عدّها جريمة وفقا لقانون العقوبات العراقي وهي ابراز وثيقة رسمية مزورة، اضافة الى مزاحمة اصحاب الشهادات الحقيقية في الحصول على وظائف، استنادا للدستور الذي كفل لهم الحق في الحصول على عمل. حيث ان ارتكاب ذلك الفعل أمر يستدعي مراجعة النفس والذات.
وبرغم عدم اتخاذ جميع الاجراءات القانونية بحقهم، والاكتفاء بإلزامهم بدفع الرواتب التي تسلموها، فإن بعضهم يطالب بإلغاء هذا الاجراء ايضا، برغم انه اجراء يعيد للقانون هيبته وأهميته في كون ان نصوصه واجبة الاحترام. وهذا ما حصل حين طلب من المحكمة الاتحادية ان تلغي أمر مجلس الوزراء. الأمر الآخر، هو الجهل الكبير في مبادئ التقاضي من خلال عدم الاطلاع على نصوص القانون التي رسمت الآليات القانونية لكل حالة، حيث ان هنالك حالات غير مختص بها القضاء الاعتيادي، حتى وان كانت المحكمة الاتحادية، بل يختص بها القضاء الاداري، وهذا ما مفصل في القوانين ذات العلاقة، حيث ان اختصاصات القضاء الاعتيادي مبينة في قانون المرافعات وقانون التنظيم القضائي، وكذلك اختصاصات القضاء الاداري مبينة في قانون مجلس الدولة رقم 65 لينة 1970 المعدل. حيث ان المحكمة الاتحادية العليا هي محكمة مهمة ودستورية، وان قانونها المرقم 30 لسنة 2005 حدد اختصاصاتها، وان التقاضي امامها يخص سياقات تختلف عن السياقات التي تحكم عملية الترافع امام بقية المحاكم التابعة لمجلس القضاء الاعلى، واهم تلك الاختلافات هو ضرورة ان يتم الترافع عن طريق محام له صلاحيات مطلقة امام المحكمة الاتحادية. في حين يمكن للمدعي ان يترافع دون الحاجة الى توكيل محام امام بقية المحاكم. ان الجهل بقواعد القانون، أمر لابد من الوقوف عنده من قبل الكثير من الفئات، خصوصا اذا اصطدم هذا الجهل بوجود رغبة في تجاوز نصوص القانون لحساب مصالح شخصية ضيقة. واذا كشف هذا الجهل امام إحدى اهم السلطات القضائية في البلد وهي المحكمة الاتحادية. نحتاج الى ثقافة قانونية حقيقية، ثقافة تعلمنا كيف نواجه القضاء بسلاح القانون، ونحتاج ايضا الى وقفة مع الذات، تمنع المطالبة بعدم محاسبتنا على اخطائنا.
سلام مكي