ضغوط مالية أفضت إلى أسوء فصول التوتر..
الصباح الجديد ـ وكالات:
أدخلت المظاهرات ضد النخبة الحاكمة في لبنان، البلاد في اضطرابات سياسية تزامنا مع أزمة اقتصادية حادة وأثارها الغضب المتصاعد من ساسة طائفيين يهيمنون على الحكومة منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.
والاضطرابات الحالية، التي تمثل إحدى أسوأ فترات القلاقل منذ انتهاء الحرب، تختلف عن فصول التوتر السابقة بسبب الضغوط المالية التي أفضت إلى ندرة الدولار الأميركي وإضعاف الليرة اللبنانية.
وأبرز الاضطرابات التي شهدها لبنان بعد الحرب الأهلية، اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في 14 شباط 2005 إثر انفجار قنبلة ضخمة لدى مرور موكبه في بيروت، وهو ما أدى لمقتل 21 آخرين.
وتلت ذلك سلسلة من المظاهرات الحاشدة وضغوط دولية أجبرت سوريا على سحب قواتها من لبنان. ونظم حلفاء دمشق الشيعة في لبنان سلسلة من التجمعات الحاشدة دعما لسوريا.
وبدأ لبنان عهدا جديدا بعيدا عن الهيمنة السورية وكان لجماعة حزب الله اللبنانية، وهي جماعة مدعومة من إيران وحليفة مقربة من دمشق، تمثيل في الحكومة لأول مرة.
وفي 2007 واصل حزب الله وحلفاؤه اعتصاما ضد حكومة السنيورة استمر لنحو عام كامل. وكانت مطالبهم المعلنة هي الحصول على الحق في نقض قرارات الحكومة.
وفي أيار، بدأت اشتباكات بين الجيش اللبناني ومتشددين من السنة ينتمون لجماعة فتح الإسلام داخل مخيم نهر البارد الفلسطيني في شمال لبنان، مما أرغم آلافا من اللاجئين الفلسطينيين على الفرار منه. وسيطرت قوات لبنانية سيطرة كاملة على المخيم في أيلول بعد قتال استمر لما يزيد على ثلاثة أشهر وأسفر عن مقتل أكثر من 300 شخص.
وفي السادس من أيار2008، اتهمت حكومة السنيورة حزب الله بإدارة شبكة اتصالات خاصة والتجسس على مطار بيروت من خلال تركيب كاميرات. وتعهدت الحكومة باتخاذ إجراء قانوني ضد هذه الشبكة.
وفي السابع من أيار، قال حزب الله إن الإجراء ضد شبكة اتصالاته يعد إعلانا للحرب من جانب الحكومة. وبعد صراع أهلي قصير، سيطر حزب الله على غرب بيروت ذي الأغلبية المسلمة.
وبعد جهود وساطة، أبرم الزعماء المتنافسون اتفاقا في قطر يوم 21 أيار لإنهاء الصراع السياسي المستمر منذ 18 شهرا وانتخب البرلمان قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية.
أُطيح بحكومة سعد الحريري الأولى في كانون الثاني 2011 إثر انسحاب حزب الله وحلفائه منها بسبب خلاف بشأن المحكمة الخاصة بلبنان والتي تدعمها الأمم المتحدة.
ووجهت المحكمة لاحقا اتهامات إلى أربعة من قياديي حزب الله فيما يتعلق بمقتل رفيق الحريري. ونفى حزب الله أي دور له في اغتيال رفيق الحريري وقال أمينه العام حسن نصر الله إن السلطات لن تتمكن من العثور على الرجال الأربعة الذين وجهت إليهم المحكمة اتهامات.
وجرى توجيه الاتهام إلى عضو خامس في حزب الله عام 2013.
في 2012 انتشر مقاتلو حزب الله داخل سوريا سرا في بادئ الأمر لدعم القوات الحكومية السورية في مواجهة انتفاضة ضد الرئيس بشار الأسد. وتلعب الجماعة دورا كبيرا في قمع هذه الانتفاضة.
واندلعت أزمة في 2015 بسبب القمامة حينما أغلقت السلطات المكب الرئيس للنفايات قرب بيروت من دون توفير بديل له، مما دفع الناس للخروج في احتجاجات حاشدة بعد تكدس تلال القمامة في الشوارع رافعين شعار ”طلعت ريحتكم“. وبدت هذه الأزمة إشارة جلية على عجز نظام المحاصصة الطائفي عن تلبية احتياجات أساسية مثل الكهرباء والمياه.
في تشرين الثاني 2017، تدهورت بشدة علاقة سعد الحريري مع السعودية التي أغضبها اتساع نفوذ حزب الله في لبنان. وصار معلوما على نطاق واسع أن الرياض أجبرت الحريري حينئذ على الاستقالة واحتجزته داخل المملكة. وتنفي السعودية كما ينفي الحريري حدوث ذلك، لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد احتجاز الحريري في السعودية.
ومع ركود النمو الاقتصادي في 2019 وتدفقات رؤوس الأموال واجهت الحكومة ضغوطا للحد من العجز الهائل في الميزانية.
وواجهت مقترحات لتقليص أجور العاملين في الدولة ومشروع قانون بشأن معاشات التقاعد معارضة شديدة. وتعهدت الحكومة بتنفيذ إصلاحات طال انتظارها لكنها لم تحرز تقدما يسمح بوصول الدعم الأجنبي.
في 17 تشرين الأول، أعلنت الحكومة رسما قدره 20 سنتا يومياً على الاتصالات عبر الإنترنت، بما في ذلك عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتطبيق واتساب، كما اقترحت زيادة ضريبة القيمة المضافة حتى تصل إلى 15 في المئة بحلول عام 2022. وخرج الآلاف في احتجاجات متهمين الزعماء بالفساد وسوء إدارة الاقتصاد.
وفي 18 تشرين الأول، تراجعت الحكومة عن تلك المقترحات لكن الاحتجاجات استمرت.
وفي 29 تشرين الأول، قدم الحريري استقالته على غير رغبة حزب الله.