معرض قوافل الذهب في متحف الآغا خان يحتفي بالقصص الأفريقية التي غيرت شكل العالم
في الوقت الذي تم فيه الاعتراف بالدول الإفريقية كقادة عالميين خلال القرن الواحد والعشرين، يحتفي متحف الآغا خان بقدرات القارة الإفريقية في الماضي والحاضر والمستقبل، من خلال معرض» قوافل الذهب- أجزاء من الزمن» الذي افتتح مؤخراً في مبنى المتحف في مدينة تورنتو الكندية. ويأني هذا المعرض تماشياً مع مهمة المتحف في الربط بين الثقافات، وثمرة للجهود التي بذلت بالتشارك مع الأمم الإفريقية ومع أعضاء إفريقيين في المهجر لإحضار هذا المعرض الرائد إلى تورنتو.
يتضمن معرض «قوافل الذهب»، نماذج فنية إفريقية مصنوعة من قطع الليغو، ويجمع بين مجموعة من القادة والفنانين ذوي الأفكار والمهارات العالمية ممن قدموا أبعاداً جديدة لهذه القارة الواسعة. ويعود المعرض بزائره إلى فترة العصور الوسطى، عندما كان غرب إفريقيا يقدم الدعم لاقتصاد ثلاث قارات مختلفة من خلال الأفكار التي غيرت الثقافات، والبضائع النفيسة كالملح والعاج والذهب – وهي إحدى القصص التي عملت على تغيير شكل العالم.
يقام هذا المعرض برعاية كاثلين بيكفورد بيزوك، وينظم من قبل متحف بلوك للفنون في جامعة نورث ويسترن، حيث تم إدراجه ضمن قائمة كريستي 2019 كأحد المعارض التي يتوجب حضورها على الصعيد العالمي. ويتميز معرض «قوافل الذهب» بأسلوب فني متطور حديث تم وضع الروائع المذهلة إلى جانب الأجزاء الأثرية المكتشفة حديثاً، ويحتوي على العديد من القطع المستعارة من مالي، نيجيريا، والمغرب. هذا التشكيل المتجاور يكشف مدى عمق الترابط بين إفريقيا خلال فترة العصور الوسطى مع رقعة واسعة من العالم، ومدى تأثير ذلك على الفن والثقافة عبر أوروبا، والشرق الأوسط، وآسيا.
في معرض حديثه عن المعرض يقول السيد هنري كيم، مدير متحف الآغا خان في تورنتو: «يثير المعرض قصة مهمة في تاريخ العالم عن الإسلام في إفريقيا خلال مرحلة القرون الوسطى. كما يسلط الضوء على الطرق التي تجمع فيها اللغة العربية بين أناس متنوعين، مما يسهل التجارة ويجعل غرب إفريقيا قلباً قوياً لعالم مترابط. إنها قصة نادراً ما يتم سردها، ومع ذلك فقد شكلت العالم الذي نعرفه اليوم.»
ويضيف مدير المتحف قائلاً: «من خلال هذا المعرض، نمحو المفاهيم الخاطئة الشائعة، ونملأ الفراغات من تاريخ العالم التي تم التغاضي عنها». ويختم هنري كيم قائلاً: «نأمل أن تساهم برامجنا في تعزيز هذا الحوار الساخن في كندا الأمر الذي يوسع من إدراكنا للماضي، ويساهم في بناء الجسور بين الثقافات اليوم وغداً».
يسلط معرض «قوافل الذهب» الضوء أيضاً على تمثال الشخصية الأسطورية من العصور الوسطى، مانزا موزا، الذي حكم امبراطورية مالي في غرب إفريقيا في القرن الرابع عشر، والذي يعتقد أنه كان أحد أغنى الأشخاص عبر العصور. اشتهرت ثروات مانزا الذهبية المذهلة، حيث تشير الروايات إلى أن قيمة الذهب انخفضت بسبب إنفاقه الباهظ أثناء رحلته للحج إلى مكة المكرمة.
في الحديث عن المستقبل، يعرض المتحف «البناء الأسود: الحضارات»، وهو عبارة عن تركيب فني مزخرف تم صنعه حصرياً من قطع الليغو الأسود من قبل الفنان المعاصر الغاني – الكندي إيكو نيماكو. وتربط سلسلة منحوتاته السريالية، من خلال قطعة فنية بارتفاع 6 أقدام، بين الحضارات الإفريقية المتقدمة التي تعود إلى العصور الوسطى مع رؤية لمستقبل القارة القوي.
يركز هذا المتحف ايضاً على الفنون الموسيقية ويمنح التقدير لدور الموسيقى في الربط بين المجتمعات، والحفاظ على الثقافة، وتحفيز التغيير الاجتماعي. يبدأ الموسم مع توكو تيلو، وهي فرقة مؤلفة من ثلاثة من أشهر نجوم الموسيقى في مدغشقر، لاستكشاف عناصر جديدة من لون الموسيقي الشعبي للبلد. كما يقدم المتحف ايضاً «مشروع المغرب»، وهي فرقة متعددة الجنسيات تجمع بين الموسيقيين في الصحراء االكبرى، وأوركسترا أوكافانكو الإفريقية، التي خلقت لغة موسيقية جديدة عن طريق جمعها للموسيقيين من الدول الإفريقية (بوروندي، إريتريا، الصومال، مدغشقر، السنغال، زيمبابوي، وغانا) والذين كان فيما بينهم القليل من التفاعل في الماضي.
كما يتضمن المتحف مجموعة من البرامج التعليمية التي تسلط الضوء على مظاهر القارة الإفريقية، متحدية بذلك ما نعرفه عن العالم. وتشمل قائمة المتحدثين كل من كاثلين بيكفورد بيرزوق، المديرة المساعدة للشؤون الفنية في متحف بلوك للفنون، حيث تلقي الضوء على الشراكة بين مالي، والمغرب، ونيجيريا والتي نتج عنها هذا المعرض؛ غاس كاسلي هايفورد، مدير المتحف الوطني السميثسوني للفن الإفريقي، الذي سوف يناقش العصور الذهبية العديدة للفن الإفريقي؛ وأمين متحف فيكتوريا وألبرت، مريم روسر أوين، التي سوف تتحدث عن سياسات القرون الوسطى حول الذهب والعاج. كما تشمل المحطات البارزة الأخرى ضمن المعرض دورة تدريبية مدتها عدة أسابيع حول التأثير البعيد المدى للتجارة الأفريقية قبل العصور الوسطى، إضافة إلى حوار فني وجولة من قبل إيكو نيماكو.
الجدير بالذكر أن متحف الآغا خان في تورنتو، كندا، هو جزء من مؤسسة الآغا خان للثقافة، وهي إحدى وكالات شبكة الآغا خان للتنمية . تتمثل مهمة المتحف في تعزيز فهم وتقدير أكبر للمساهمة التي قدمتها الحضارات الإسلامية للتراث العالمي مع التعبير، من خلال معارضه الدائمة والمؤقتة، عن كيفية تواصل الثقافات مع بعضها البعض. يتشارك المتحف، الذي صممه المهندس المعماري فوميهيكو ماكي، في الموقع الذي تبلغ مساحته 6.8 هكتار مع المركز الإسماعيلي في تورنتو، والذي صممه المهندس المعماري تشارلز كوريا. بينما تم تصميم الحديقة ذات المناظر الطبيعية الخلابة التي تحيط بالموقع من قبل المهندس المعماري للمناظر الطبيعية فلاديمير ديوروفيتش.