بعد شهر على بدء هجوم قائد «الجيش الوطني الليبي»
متابعة ـ الصباح الجديد :
أعلن «الجيش الوطني الليبي»، تصديه لهجوم مسلح على المنطقة العسكرية بمدينة سبها جنوب البلاد امس السبت، في حين أعلنت حكومة الوفاق سيطرتها على محور وادي الربيع جنوب العاصمة طرابلس.
وقالت مصادر محلية إن ثمانية جنود قتلوا امس السبت في الهجوم على المعسكر التابع «للجيش الوطني الليبي» (بقيادة المشير خليفة حفتر)، في حين أشارت مصادر في الجيش إلى أن الهجوم نفذه مسلحون من «داعش» والمعارضة التشادية.
من جهته أكد المركز الإعلامي للواء 73 مشاة في «الجيش الوطني الليبي» عبر بيان صحفي نشره على صفحته الرسمية فى «فيس بوك» تصديه للهجوم في سبها وذكر أن «وحدات الجيش الوطني الليبي (بقيادة المشير خليفة حفتر) في مدينة سبها تصدت لهجوم مسلح تعرضت له المنطقة العسكرية سبها»، مضيفا، «ما أن تحركت المجموعة المسلحة بقيادة حسن موسى ومن يسانده برماية عشوائية واقتراب مجموعة أخرى من المطار، تم صد الهجوم».
وكانت مصادر محلية ذكرت أن «أحد المعسكـرات التابعة لـ»لجيش الوطني الليبي» بمنطقة سبها العسكرية تعرض لهجـوم مسلح .. إذ استهدف الهجوم مقر الكتيبة 160 شمال شرق المدينة، الواقع بمحاذاة مستودع سبها النفطي».
من جهة أخرى أفاد مصدر عسكري لوكالة «سبوتنيك» الروسية، بوصول دعم وتعزيزات للمنطقة العسكرية بمدينة سبها.
وقال المصدر للوكالة، «وصلت تعزيزات ودعم عسكري، وتم فك الحصار عن المنطقة العسكرية سبها والكتيبة 160، بعد هجوم مسلح تعرضنا له من قبل مسلحين».
وأضاف أن «الدعم العسكري جاء من قبل قوة التمركزات الأمنية والغرفة المشتركة التابعة للجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر».
وفي ضوء الاشتباكات حول العاصمة الليبية طرابلس، أعلن الناطق باسم عملية «بركان الغضب» مصطفى المجعي، امس الاول الجمعة، أن قوات حكومة الوفاق سيطرت على تمركزات تابعة لقوات «القيادة العامة» (التابعة لحفتر) في محور وادي الربيع، ودمرت عددا من الآليات، مشيرا إلى بدء تمشيط المناطق المسيطر عليها.
ولفت المجعي إلى أن قوات الوفاق أفشلت محاولة التفاف في الزطارنة، وكبدت قوات «القيادة العامة» خسائر بشرية ومادية.
وأشار إلى أن باقي المحاور في المنطقة تشهد هدوءا حذرا، مع عمليات دورية لتأمين المناطق المسيطر عليها.
ونوه المجعي إلى خروج تظاهرات بمدن طرابلس، ومصراتة، وزليتن، وعدد من المناطق الأخرى تنديدا بهجوم «قوات القيادة العامة» ( التابعة لحفتر) على العاصمة طرابلس ورفضا «لحكم العسكر».
وشدد على أن قوات «بركان الغضب» التابعة لحكومة الوفاق في طرابلس تؤكد «التزامها بالقانون الدولي والإنساني وما تفرضه مبادئ حقوق الإنسان، بخصوص معاملة الأسرى، لا سيما القصر منهم».
وبعد شهر على بدء هجوم قائد «الجيش الوطني الليبي» المشير خليفة حفتر على طرابلس، يبدو الوضع أمام طريق مسدود بالكامل. فالمواقع العسكرية على حالها وأي حوار يبدو مستحيلاً للخروج من النزاع في بلد أصبح أرضاً للصراع على النفوذ بين القوى الكبرى.
وقبل عشرة أيام من انطلاق مؤتمر ليبي في 4 نيسان ، سعياً لإخراج البلاد من ثماني سنوات من الفوضى، أطلق الرجل القوي في شرق البلاد المشير خليفة حفتر حملةً للسيطرة على طرابلس حيث مقرّ حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً.
ووصل «الجيش الوطني الليبي» بقيادة حفتر إلى أبواب العاصمة وتصادمت قواته مع القوات الموالية لحكومة الوفاق، المدعومة من جماعات مسلحة قادمة من مدن عدة غرب البلاد، خصوصاً من مصراتة، تتهم حفتر بأنه يريد أن يؤسس «ديكتاتورية عسكرية» جديدة.
بعد سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011 بعد 8 أشهر من الاضطرابات، غرق البلد النفطي في الفوضى، مع بروز فصائل وجماعات مسلحة وتصاعد الصراعات الشرسة على السلطة.
وفي الصراع الحالي، لم يتغيّر الوضع الميداني كثيراً بعد ثلاثة أسابيع من القتال، على الرغم من أن القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني تمكنت من التخفيف قليلاً من ضغط قوات «الجيش الوطني الليبي» عبر إعلانها عن هجوم مضاد في 20 الشهر الماضي. وأبعد من طرابلس، في غرب البلاد، استعادت القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني أراضي محيطة بالعزيزية.
وتدور المواجهات في محيط المطار الدولي (على بعد 30 كلم عن طرابلس)، وهو غير مستخدم منذ تدميره في معارك بين فصائل مسلحة العام 2014، وأيضاً في شمال مدينة غريان (على بعد 80 كلم جنوب غربي طرابلس) وهي قاعدة خلفية لـ»الجيش الوطني الليبي». لكن «خط الجبهة يتغير بطريقة متقلبة، أحياناً مرات عدة في النهار»، كما يقول جلال حرشاوي الباحث في معهد كليغندايل في لاهاي. وتبدو قوة الطرفين متكافئة.
ويشرح المستشار في مسائل الدفاع والمختص في الشأن الليبي أرنو دولالاند أن «الجيش الوطني الليبي يعدّ 25 ألف رجل: 7 آلاف منهم منتظمون، و18 ألفاً ينتمون إلى فصائل مسلحة. وقد يصل عدد القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني إلى 18 ألف مقاتل من 200 فصيل من مصراتة، وقوة الردع (1500 مقاتل من طرابلس)، وكتيبة النواصي (1800 من طرابلس)، والحرس الرئاسي (800). وفي سلاح الجو، يملك كل طرف نحو 15 طائرة وعدد قليل من المروحيات».
وتوقع جلال حرشاوي أن «تواجه القوات مأزقاً عسكرياً ممتداً ومدمراً»، مضيفاً: «لكن الجهات الخارجية الراعية لحفتر معروفة بعدم صبرها وميولها للحلول الباتة».
ويؤكد أن «على المستوى الدولي، لم يصدر أي تنديد جدي بحق حفتر. المجتمع الدولي يقبل إذاً، كأمر واقع، استمرار الحرب الخطرة، والتي قد تشهد مزيداً من التدهور».
وفي مجلس الأمن الدولي، لم تنجح الدول الأعضاء بالاتفاق على مشروع قرار بريطاني لوقف إطلاق النار. ورفضت روسيا النص الذي ينتقد خصوصاً حفتر، فيما طلبت الولايات المتحدة المزيد من الوقت لدراسة الوضع. أما فرنسا التي تتهمها حكومة الوفاق الوطني بدعم حفتر سياسياً، فقد نفت ذلك، ودعت إلى «عملية سياسية برعاية الأمم المتحدة». ويقول أرنو دولالاند «مع الجمود التقريبي للجبهات، فالفرق الوحيد يمكن أن تحدثه ضربات جوية». لكن في بلد تنتشر فيه جماعات مسلحة متقلبة الولاء، فإن تبدل التحالفات سريع بقدر ما هو غير متوقع.
«من المحتمل دائماً أن تفقد طرابلس دعم الزاوية» الواقعة على بعد 50 كلم غرب العاصمة، وفق حرشاوي الذي يضيف أن «في هذه المدينة الاستراتيجية، جزء من الجماعات التي تعتمد عليها طرابلس قابلة للرشوة والفساد. مقاومتهم لن تدوم إلى الأبد». واستبعدت حكومة الوفاق الوطني أي مفاوضات مع خليفة حفتر طالما لم يسحب قواته.
وبالنسبة لجلال حرشاوي، «حتى ولو فرض وقف لإطلاق النار، من غير المرجح أن يتراجع الجيش الوطني الليبي. إننا أمام احتمال حرب طويلة جداً وغير نظيفة».