لبناء أي مجتمع سليم ومعافى تحتل مسألة بناء الإنسان أهمية كبيرة ومن المشكلات الخطيرة مشكلة تعاطي المخدرات لدورها في انهيار المجتمع وشيوع الجريمة.
والمخدرات هي كل مايشوش العقل والحواس بالتخيلات ولها تأثيرات جسمانية وروحية وعاطفية وتؤدي إلى تعطيل الجهاز العصبيـ وان تعاطي المخدرات يؤدي إلى نتائج سيئة للفرد وعمله وإرادته ووضعه الاجتماعي وثقة الناس به وتؤدي إلى الأعمال غير المشروعة وإساءة علاقة الفرد بالآخرين وفقدان التوازن وعدم التكيف مع المجتمع ونبذ الأخلاق وفعل كل ماهو منكر وقبيح ،ويحدث تعاطي المخدرات اضطربا في الإدراك الحسي وخاصة حواس السمع والبصر واختلال في التفكير العام والتصرفات الغريبة إضافة إلى الهذيان والهلوسة والآثار النفسية مثل القلق والتوتر المستمر ويحدث تعاطي المخدرات اضطراب في الوجدان المرح والنشوة والشعور بالرضا بعد تعاطي المخدرات.
لقد كشف العلم الحديث إن للمخدرات آثارا ضارة ومؤذية ومدمرة بكل خلية من خلايا جسم الإنسان فضلا عن تدمير عقله وقواه الإدراكية وقدراته في الفهم والوعي والاستبصار وإصابته بالأمراض العقلية والنفسية والسلوكية وتحطيم أسرته ومستقبله وفقدان هويته وكرامته وعجزه عن العمل والإنتاج، ولان الشباب هم الركيزة الأولى التي تعتمد عليها المجتمعات في تقدمها فان انتشار ظاهرة الإدمان بينهم يعد سببا رئيسيا لانهيار القوى البشرية فالشباب هم محور التنمية والتقدم والرفاهية والاستقرار، وبات معتبرا أن الإدمان على المخدرات والمؤثرات العقلية يثمر امة غائبة عن الواقع تتعثر بها خطى التقدم ويأتي الوعي بالخطر الداهم على المجتمع.
ويعرف التعاطي بانه تناول الإنسان للمخدرات لأغراض غير طبية على نحو يتسم بالإسراف وسوء الاستعمال للمخدرات وهو تناول الإنسان لأي مادة من المواد المسببة للإدمان لغرض غير طبي أو علاجي وينشأ التعاطي من الاعتياد على المواد المخدرة فإذا ما كرر الشخص تناول المادة المخدرة فانه يعتاد عليها. وقد عاقب المشرع العراقي على جريمة تعاطي المخدرات في المادة (32) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم (50) لسنة 2017 حيث نصت على ان (يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة واحدة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة ملايين دينار ولا تزيد على عشرة ملايين دينار كل من استورد أو أنتج واصنع أو حاز أو أحرز أو اشترى مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو سلائف كيميائية أو زرع نباتا من النباتات التي ينتج عنها مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو اشتراها بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي).
وكذلك عاقبت المادة 33 من القانون بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن ثلاثة ملايين دينار ولا تزيد على خمسة ملايين دينار كل من سمح للغير بتعاطي المخدرات أو المؤثرات العقلية في أي مكان عائد له ولو كان بدون مقابل كما نصت المادة 28 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية على عقوبة السجن المؤبد أو المؤقت وبغرامة لأتقل عن عشرة ملايين دينار ولأتزيد على ثلاثين مليون كل من أدار أو اعد أوهيا مكانا لتعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية ومن اغوى حدثا وشجع زوجه أو احد أقربائه حتى الدرجة الرابعة على تعاطي المخدرات أو المؤثرات العقلية وللمحكمة بدلا من إن تفرض العقوبة إن تلزم من تعاطيه المواد المخدرة بمراجعة عيادة نفسية تنشأ لهذا الغرض لمساعدته على التخلص من عادة تعاطي المخدرات.
القاضي كاظم الزيدي