يؤكد الصربي نوفاك ديوكوفيتش المصنف الأول على العالم في التنس أنه (بعد أن أصبح مشهوراً في هذه اللعبة فقد تغيرت أشياء كثيرة في حياته وقلبتها رأساً على عقب، وكان منها أنه أصبح أجمل في عيون الناس وخصوصا الفتيات!!)… ويتفق الكثيرمن الفقهاء على أن للشهرة وجهين ..الأول هو ما يشعر به (المشاهير) من اتساع شعبيتهم وما يحظون به من احترام الجماهيرواهتمامهم بهم أينما حلوا أو ارتحلوا ولكل هذا طعم ومذاق خاص.. ومن الطبيعي أن نصفه (بالنعمة).. أما الوجه الآخر فهو يصح أن نطلق عليه (النقمة) وذلك لعلاقته بضريبة الشهرة وهي الأغلى من حيث الرسوم الباهضة التي يسددها المرء (المشهور) عداً ونقداً ومن دون تلكؤ أو تأخير أوالحاجة الى تحرير صكوك أو تقديم بيانات بالنشاطات المالية وغيرذلك.. ولهذا لم يتم تصنيف هذه الضريبة ضمن قطاعات ومهام الهيئة العامة للضرائب وبالتالي لا توجد أدنى درجات للمقارنة بينها وبين ضريبة الدخل أو العقاري.
للشهرة في بلادنا طعم مختلف وأسلوب مغاير في التعامل معه سواء من قبل المشهورين أو المعجبين، ففي الوقت الذي يقتصر طلب (المعجب) في دول العالم من النجم الرياضي او السينمائي أو الغنائي أو السياسي على التقاط الصور أو التوقيع سواء على (أوتغراف) أو على قميصه (التيشيرت) وغير ذلك وهذا شيء طبيعي، يختلف معجبونا عن أقرانهم في جميع بقاع الأرض كأختلاف الليل والنهار، فبمجرد أن يلتقي أحدهم مسؤولاً حكومياً وبغض النظر عن درجته الوظيفية يسأله (أستاذ أكو تعيين..أريد أتعين.!!) أو (آني متضرر سياسي… وأريد أرجع للوظيفة..!) أو (أستاذ عندك عرف بوزارة الهجرة والمهجرين).. أو (أستاذ أكو زيادة بالراتب).. أو (أستاذ …صدك راح توزعون فلوس النفط على المواطنين …!) أما البعض الآخر فيبدو أنه يعيش في قارة أخرى فتراه يطلب مرة واحدة (أستاذ أني كاعد إيجار..ممكن تحصلي بيت.. أو حتى لو شقة آني موافق وماعندي مانع ..!).. أما بعض المعجبين الآخرين فإنهم وبعد قيامهم بالتقاط الصور مع مشاهيرهم عبر أجهزة الموبايل حصرا.. نجدهم يستثمرون هذه الصور بالادعاء بأن هذا المسؤول المشهورالذي يطل عبر القنوات الفضائية هو صديقهم الروح بالروح وأنه لا يتناول الغذاء والعشاء إلا معهم… بل ذهب البعض الآخرالى أبعد من ذلك عندما أخذ بإبراز هذه الصور المخزونة في ذاكرة هاتفه للسيطرات الأمنية كجواز مرور بدلاً من بطاقة الهوية !
هذا غيض من فيض وإذا كنت مشهوراً حتى لو بس بالاسم.. كما يقول الفنان مهند محسن فعليك أن تتحمل كل ذلك نزولاً عند مقولة .. صاحب الحاجة أعمى !
فالشهرة والمنصب تعرّض صاحبها في كثير من الأحيان الى مواقف صعبة وحرجة وأحيانا مضحكة ومبكية او ما يجمع الحالين معاً…وعلى (المشهور) أن يكون دائماً في خدمة المعجبين ومن كلا الجنسين ومن مختلف الأعمار، هذه جزء من ضريبة الشهرة كما يقولون .. ناهيك عن أن على هؤلاء المشاهير أن يكونوا دائما حاضرين في خدمة المواطن ليلاً ونهاراً.. حاله كحال أفران الصمون والمخابز أو الإسعاف الفوري أو المطافئ أو شرطة النجدة.. وعليه أن يفتح خطوط هواتفه 24 ساعة، فقط لتلقي شكاوى واتصالات المواطنين وطلبات القمة..! وقد يجد البعض العذر للمعجبين أو أصحاب الحاجة لأنهم يعتقدون أي (المعجبون) بأن كل من يظهر في الفضائيات ويطلق عليه مسؤول فإنه بالتأكيد يسكن في قصر بالمنطقة الخضراء.. ويتعرض للقذائف السوداء!! مخالفين بذلك قاعدة (مو كل مدعبل جوز) وعندما تكون في موقع معين بالتأكيد فإن الأحبة والأصدقاء والمعارف سيتذكرونك كل يوم طيلة بقائك على كرسي المنصب أو الشهرة وأنهم سيكثرون ويتكاثرون .. وأن هاتفك سوف لن يتوقف عن الرنين المعناطيسي، بحيث كلما حفظت وقمت بتخزين رقم جديد في ذاكرة هاتفك تبرز على شاشته في كل دقيقة عشرة أرقام جديدة.. وبالتالي ستضرب الرقم القياسي وتدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية بالقبلات والأحضان والإطراءات من الذين تعرفهم والذين لا تعرفهم.
أما في اللقاءات المباشرة يصر الكثير من (المعجبين) على طبع أكثر من قبلة حارة ومكسبة على خدك الكريم دليلاً على الإعجاب والمحبة وكعربون أشواق.. حتى لو كان ذلك في شهر الأمراض وانتقال الفيروسات والإنفلونزا… وإذا ما فكرت في أن تحذر المعجب أو تتجنبه فإنه سيجيبك بالتأكيد وهومندفع لتقبليك بسرعة الصاروخ..(يمعود يا فلونزا يابطيخ .. خلي أبوسك.. وأشبع منك بوس ..هذه فرصة تاريخية حتى تعرف شعوري ناحيتك… كل فايروسات العالم متمنعني من التعبير عن محبتي إلك وإعجابي.. وأبوسك.. أبوسك حتى لو بيك فلونزا الطيور!!)…
• ضوء
طعم المجاملة لذيذ ،شرط الآ تبتلعها
(ستيفنسون)
عاصم جهاد