تعد حرية الصحافة من الحقوق المقدسة للإنسان وهي ليست مفهوما حديثا نتج عن التطور التكنولوجي في ميدان الطباعة او تطور وسائل الاتصال الحديثة ولكنها موغلة في القدم قدم الإنسان نفسه لاسيما وإنها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحرية الرأي والتعبير وهي الجزء الأهم من هذه الحرية. ولحرية الصحافة مفاهيم عدة فيمكن النظر إليها من منظور دولي ويمكن النظر إليها من منظور دستوري كما يمكن النظر إليها من منظور اقتصادي سياسي.
ولا بد من القول بانه لا يوجد هناك ما يمكن تسميته بالحقوق المطلقة فاغلبها حقوق الإنسان وان كانت توسم بانها مطلقة الا انها لابد من ان يقيدها التقييد سواء كان ذلك تدريجياً للمصلحة العامة ام ترجيحا لمصلحة خاصة جديرة بذلك الترجيح وفقاً لتقدير المشرع فالحقوق اذا كقاعدة عامة هي مطلقة ولكنها تكون نسبية في عدة مواضيع فحق الملكية هو من الحقوق اللصيقة بالذات الانسانية وهو من الحقوق المعترف بها في العديد من المواثيق الدولية والدستورية العالمية بان المالك له مطلق التصرف في ملكه التام سواء بالاستعمال او الاستغلال او التصرف وقد منع القانون كذلك ان تكون الملكية محل اعتداء حيث نص على انه لا يجوز ان يحرم احد من ملكه الا في الاحوال التي يقررها القانون لكننا نجد في مقابل هذا ان المشرع قد قيد هذا الحق اي حق الملكية بموجب قانون الاستملاك بناءً على مقتضيات المصلحة العامة.
وحرية الصحافة باعتبارها من اقدم الحقوق الانسان وقد تم النص عليها في العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية والدساتير العالمية فهل تخضع للقيود نفسها التي وردت على حق الملكية او بتعبير اخر هل ان هذه الحرية قد وردت مطلقة بحيث لا تمتد اليها سلطة الرقابة وقيود المسؤولية أذا ما أسيء استعمالها وسنجد بانه اذا كان القانون يفرض على حرية الصحافة لضرورات معينة قد تكون حماية للمصلحة العامة وقد تكون حماية للمصلحة الخاصة فان المعيار الوحيد المقبول لتقييد هذه الحرية هو حماية حق اساسي يسمو عليها سواء كان من الحقوق المادية ام المعنوية وبعبارة اخرى كان الحقوق المتولدة عن حرية الرأي والتعبير قد تكون محدودة او مقيدة ولكن هذه المحدودية قد أنشئت لحماية حقوق او تتساوى معها في الاهمية.
وان النشر يمكن ان يتحقق بطريقتين اما بطريقة شفهية من قول او تعليق او صياح او غيره اما بطريقة تحريرية من كتابة او ما يلحق بها من رسم او تصوير او رمز او غيره وان رسائل التعبير عن طريق النشر هذه ام أن تكون عن طريق المسرح أو السينما او التلفاز او الراديو اما عن طريق الكتب والإصدارات والمطبوعات الأخرى واما ان تكون عن طريق الصحافة الدورية من صحف ومجلات ولا شك في ان جرائم النشر تتعدد بتعدد تلك الوسائل فيكون هناك جرائم نشر عن طريق المسرح والسينما وجرائم نشر عن طريق التلفاز او الراديو وجرائم نشر عن طريق الكتب وغيرها وجرائم نشر عن طريق الصحافة الدورية.
ومما لا شك فيه ان الصحافة هي احد مظاهر حرية الرأي والتعبير وقد نادت مختلف الدساتير والمواثيق بحرية الصحافة فنجد ان عصبة الامم قامت بعقد العديد من المؤتمرات الدولية في جنيف للوقوف مع المشكلات التي تتعرض الصحافة في دول عصبة الامم للوقوف على المشاكل التي تعترض الصحافة وغيرها كثير من الدول في القوانين الداخلية او من خلال الاتفاقات الدولية.
القاضي علي كمال