بضاعتهم ردت اليهم اكثر ارهابا
ستيفن هوكو
ترجمة ـ سناء علي:
بعد موجة القلق العارمة التي أثيرت في أوروبا مؤخرا بشأن مواطنيها من عناصر داعش، والمقدر عددهم بالمئات، وبعد خسارة التنظيم المسلح معاقله في مناطق الصراع، وإعلان غالبية الدول الاوربية رفضها قبولهم، شغلت هذه القضية مراكز البحث السياسية والاجتماعية ووسائل الاعلام.
وعلى الرغم من ان الكثير كتب بهذا الشأن الا ان اغلب الكتابات تجنبت الإشارة الى ان اجندات مخابراتية اوربية هي التي سهلت سفر الإرهابيين الأجانب للانضمام الى داعش ومشاركته الحرب في منطقة الصراع التي اختلقها، غير ان الكاتب البريطاني ستيفن هوكو تناول هذه الأمر الحساس والدقيق، واكثر من هذا تناول التقديرات الخاطئة لسياسيي تلك الدول والذين توهموا ان حرب داعش في الشرق الأوسط قد تستغرق عشرين سنة.
هنا ترجمة لما تناوله الكاتب ستيفن هوكو على صفحات ” ذا صنداي تايمز ” البريطانية :
على الرغم من شائكية وتعقيد هذا الملف والذي عانت منه بلدان عربية مثل سوريا والعراق , الا ان اوروبا باتت اليوم في قلق كبير من عودة ما يسمى بالجهاديين الى عقر دارهم , كونهم يتمتعون بخبرة كبيرة في القيام بالعمليات الارهابية , اضافة الى تمرسهم في القتل والتفجير ونشر الافكار المتعصبة , التي من الممكن ان ينقلوها الى مجتمعاتهم الاوروبية بعد وصولهم اليها .
خبرة هؤلاء بصنع العبوات الناسفة والتفخيخ وفن الاغتيالات وحرب المدن, اصبحت هاجسا مروعا لدى الحكومات الاوروبية وقوات الامن وسلطات مكافحة الارهاب , كونهم سيشكلون خطرا كبيرا على السلم المجتمعي , والمسألة المهمة الأخرى، هي أن عوائل هؤلاء المقاتلين وأطفالهم أيضا يشكلون قنابل موقوتة، كونهم خضعوا لتثقيف وتدريب وتطبعوا بالفكر الجهادي التكفيري، الذي ارتكب ما ارتكب من جرائم خلال السنوات الخمسة الماضية في كل من سوريا والعراق .
في الجانب الاخر هناك امر اخر في غاية الاهمية , وهو ان تلك المجتمعات الاوروبية رافضة جدا لعودة هؤلاء الارهابيين وعوائلهم بشكل كبير , بل وطالب الاهالي في كثير من محفل اعلامي ودولي بنقل شكاواهم الى الحكومات ودور القضاء العليا في بلدانهم , كي يمنعوا الحكومات من استقبالهم والاطمئنان لهم , في الجانب الاخر كانت قوات سوريا الديمقراطية التي تحارب في سوريا…
- عن صحيفة ” ذا صنداي تايمز ” البريطانية
, قد نقلت شكواها الى المحافل الاوروبية هي ايضا في سبيل تسليم ما لديها من أسرى يحملون الجنسيات الاوروبية حيث لا مكان لاحتجازهم , وطالبوا باتخاذ قرارات حاسمة بخصوصهم .
القوانيين الأوروبية هي الاخرى قد تتيح إطلاق سراح المقاتلين المعتقلين فيما لو تم تسليمهم لبلدانهم، كونهم لم يرتكبوا جرائم على الأراضي الأوروبية، وهنا يكمن التعقيد في الموضوع، حيث يحتاج إلى قوانين وقرارات، تخص السماح بعودتهم، وبحث موضوع جنسياتهم ومصير أطفالهم ومصير عقود الزواج التي تمت في ظل ما يسمى بالدولة الإسلامية، وفيما إذا ستعتمد هذه العقود في الدول العائدين لها، وهذا الموضوع أيضا سبب إشكالية في العراق وسوريا ايضا على حد سواء .
كما ان انعدام ارتباط هذا التنظيم ببقعة جغرافية معينة، وإنما هو دولي ينتشر في أوروبا وشمال افريقيا وفي الشرق الأوسط جنوب شرق آسيا وغيرها من مناطق العالم، هي مسألة تقلق المجتمع والحكومات الأوروبية، كما ان هذه الدول لم تعتقد على الاطلاق بعودة هؤلاء الارهابيين الى ديارهم، ولذلك سهلت ذهابهم لمناطق الصراع .
“مسألة سفر الإرهابيين وتسهيله، كانت تقف خلفها أجندات مخابراتية، بالاشتراك مع الدول الإقليمية، وقد اكتوت الدول التي ساعدت في هذا الموضوع بنار الإرهاب، لذلك قد تكون هذه المسألة غير محسوبة، حيث كانت تعتقد الدول استمرار ما تسمى بدولة الخلافة الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط، لكن القوات العراقية والجيش العربي السوري أسقطوا العديد من المخططات، حيث سمعنا تصريحات مسؤولين وقادة عسكريين أمريكيين استمرار “داعش” في المنطقة لسبعة سنوات، وحتى كان يتوقع أن يستمر لعشرين سنة، لكن أن يتم القضاء عليه بثلاث سنوات، فهو موضوع فاجأ وأربك حسابات من ساهم وسهل وصول الإرهابيين إلى العراق وسوريا، لذلك لابد من حل مشكلة عودة الإرهابيين.
ويحذر الخبراء في مكافحة الارهاب , من ان هؤلاء الشبان الاوربيين العائدين من مناطق القتال في سوريا يمثلون التهديد الرئيس على صعيد امكان شنهم اعمال عنف على الاراضي الاوربية، ويتصاعد الخوف في أوروبا من الخطر الذي يمثله مواطنون أوروبيون انخرطوا في القتال إلى جانب المجموعات الإرهابية في سوريا والذين تقدر أجهزة الاستخبارات الغربية أعدادهم بالمئات إذ أن من يبقى حيا من هؤلاء سيعود في النهاية إلى أوروبا ليواصل نشاطه هناك وفق الخبراء الأوروبيين.
مع وجود إمكانية ظهور تنظيمات إرهابية جديدة في العالم , او بالاحرى تصديرها من دول اوروبا الى المشرق العربي , يبقى هناك امر مهم وهو ان تحرير تلك الاراضي وارجاع بضاعة الغرب الى عقر دارها سيكون له وقع اكبر على العرب مستقبلا , فلا بد من التفكير بطريقة اخرى بالنسبة لأوروبا كي تصدر هؤلاء وتتخلص منهم بطريقة اخرى , فيما لو ضغطت عليهم القوانين الدولية وتم استقبالهم من قبل اوروبا طبعا , والا ستكون اوروبا في مواجهة خطر كبير هو تلقي ذلك الفكر المتشدد من هؤلاء القادمين الذين لا يتوارون عن الانظار في كل زاوية وجامع, يجتمعون بالشباب وكبار السن بل وحتى الاطفال من اجل نقل ما تعلموه في تلك الدول.
امر مهم يجب ان يؤخذ بالحسبان , ان بلاد العرب بدأت بتطهير مجتمعاتها من ذلك الفكر المتشدد الخطير بعد التخلص من براثن الارهاب وتحرير اراضيهم منها , ابتداءا من المناهج المدرسية والجوامع وكذلك بمخيمات النازحين، وهذا ما شهدته كل من ادلب في سوريا , كون ادلب كانت قاعدة طويلة الامد للارهابيين , وكذلك بعض المناطق الغربية من العراق .
لكن يبقى التخوف الكبير لدى كل من حكومتي سوريا والعراق , ان هؤلاء الارهابيين الذين تم التخلص منهم والذين يحملون جنسيات متعددة منها اليمنية والليبية والمغربية والجزائرية وحتى التشادية والنيجيرية , بالامكان تجنيدهم مرة اخرى واستيعابهم و إعادة ترتيب وضعهم من قبل اوروبا والعودة بهم للقيام بعمليات ارهابية ، لذلك اشارت كل من حكومتي العراق وسوريا بقلقها الواضح من هؤلاء .