«بغداد , البصرة ، النجف ، كربلاء ، بابل ، ذي قار، واسط « ، ومحافظات اخرى ، شهدت في الاونة الاخيرة ومازالت معارك طاحنة ، وقد دارت رحى تلك المعارك في ساحة منصب المحافظ على وجه التحديد !!..
وواضح جدا ان ثمة اسبابا مباشرة وأخرى غير مباشرة وراء نشوب تلك المعارك ، كما هو المألوف في اندلاع الحروب ، اما الاسباب المباشرة فقد انقسمت إلى قسمين ، الاول يرتبط بفوز بعض المحافظين بعضوية مجلس النواب وبالتالي فان الامر يتطلب اختيار محافظ جديد خلفا للمحافظ الذي اصبح نائبا ، ومن هذه النقطة على وجه التحديد تندلع معركة كسر عظم ضروس بين الكتل السياسية ، وكل كتلة من هذه الكتل تريد ان تستحوذ على المنصب ، ثم تتصاعد وتيرة المعركة من دون وجود اي مساع لإنهاء النزاع والدخول في مفاوضات لرأب الصدع واصلاح ذات البين !! ، ومثل هذه الصورة نجدها متجسدة في بغداد ، فبعد صعود المحافظ السابق إلى البرلمان ، تنازعت الكتل المكونة لمجلس المحافظة ، وهي ذاتها الموجودة في مجلس النواب ، على المنصب بشراسة ، وراح القوم يتسابقون في مَن يتمكن عقد جلسة لانتخاب المحافظ الجديد ، فنجح هذا التحالف او ذاك ، بذلك وسمى المحافظ ونائبه ، ما تسبب في سخونة المشهد ، بعد ان لجأ المتحاربون إلى استعمال اسلحة اخرى اكثر مضاء ، والمتمثلة بالطعن بتلك العملية ، فينجح الطرف الثاني بكسب الجولة ، ليسارع إلى عقد جلسة اخرى ينتخب خلالها محافظا اخر ، ولكن ، الجولة لم تنته ، فالحرب سجال ، وبين هذا وذاك ، تبقى مناطق العاصمة وأبناؤها ، يطرحون سؤالهم العتيد : وماذا بعد هذه المعارك ؟ .. هل ستبقى مناطق العاصمة تعاني من سوء الخدمات ، فيما يستمر النزاع بين الكتل للظفر بالمنصب ؟؟ .. والحال في البصرة لا يختلف عنه في بغداد ، وان كانت التفاصيل هناك بطعم ماء البصرة المالح ودخان نفطها الاسود ، فالمحافظ «السابق» الذي مازال موجودا ، فاز بعضوية مجلس النواب ، ولكنه رفض الالتحاق بالمجلس ، من دون ان يعطينا سببا لموقفه هذا ، وإلا لماذا رشح اصلا في الانتخابات ؟ ام انه لم يكن يتوقع الفوز ، وبالتالي سيبقى محافظا ؟ .. وفي اطار الحرب الدائرة حول الظفر بالمنصب ، فان المناوئين للمحافظ يصرون على موقفهم الرافض لموقفه ، عادين ذلك خذلانا لناخبيه الذين منحوه ثقتهم ليمثلهم في البرلمان ، غامزين ، ان سبب تمسكه بالمنصب يعود لسببين الاول هو حصول المحافظة على تخصيصات مالية كبيرة تتجاوز النصف ترليون دينار ، والسبب الثاني هو تأجيل انتخابات المحافظات إلى نهاية العام وبالتالى فانه سيبقى محافظا حتى ذلك الحين ، وفي اتون هذا الصراع تبقى البصرة وأهلها تعاني الامرين بسبب سوء الخدمات فيها والذي تتحمل الحكومة المحلية المساحة الاكبر من المسؤولية في ذلك .. اما الوضع في المحافظات الاخرى التي تشهد مثل هذه المعارك فهو مشابه لحال العاصمتين السياسية والاقتصادية من حيث التفاصيل ، ولكنه مختلف في الاسباب ، في الاقل ظاهريا ، فالمعارك في النجف وكربلاء مثلا اندلعت بداعي الفساد او اسباب اخرى ، فأقدم مجلسا المحافظتين على اقالة محافظيهما ، ومازال دخان المعارك يتصاعد في سماء المحافظتين .. ونحن مازلنا نتحدث في الاسباب المباشرة لاندلاع حرب المحافظين هذه .. اما اذا انتقلنا إلى الاسباب غير المباشرة ، فيمكن للمراقب ان يضع اليد على عدة اسباب ، اما اولها ، فان منصب المحافظ اصبح بوابة للمرور إلى مجلس النواب لاحقا ، ويبدو ذلك جليا من خلال عدد المحافظين الذين اصبحوا نوابا ، والفكرة تقوم على اساس انني اصبح اليوم محافظا وغدا نائبا وربما وزيرا او مسؤولا تنفيذيا ، اما السبب الاخر فيربطه المراقبون بقضايا المشاريع والتمويل (افتراض سوء النية) ، وألا لم كل هذا الصراع على المنصب بين الكتل السياسية ؟ .. فالأصل في الموضوع ، هو ان يأتي المحافظ او اي مسؤول اخر لقيادة المؤسسة ، وفقا لمقتضيات المصلحة العامة بهدف توفير الخدمات للناس ، بصرف النظر عن لونه وانتمائه .. أما يعلم هؤلاء المتحاربون ، ان حروبهم هذه ، لم تجلب للعراق سوى المزيد من التخلف والدمار ؟؟ أما آن الأوان لتلك الحروب ان تضع اوزارها ، لننعم بمؤسسات تُدار على اساس الكفاءة وتقديم الخدمات ؟
تساؤلات بطعم الحنظل نضعها برسم المتحاربين !!!
عبدالزهرة محمد الهنداوي
حرب المحافظين !
التعليقات مغلقة