متابعة ــ الصباح الجديد :
أعلنت إيران أنها ستجري محادثات، الجمعة المقبل، بشأن برنامجها النووي مع فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، وهي الدول الثلاث التي وقفت وراء قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي انتقد طهران على عدم تعاونها في الملف النووي.
وأمر القرار الذي اقترحته الدول الثلاث إيران بتحسين التعاون مع الوكالة بشكل عاجل وتقديم تقرير “شامل” يهدف إلى الضغط على إيران للدخول في محادثات نووية جديدة.
وكشف تقرير سري للوكالة أن إيران رفعت مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى مستويات قريبة من درجة تصنيع الأسلحة، في تحد للمجتمع الدولي بخصوص برنامجها النووي.
وبشأن المحادثات الإيرانية الأوروبية المرتقبة، يرى بول سوليفان، أستاذ أمن الطاقة في جامعة جونز هوبكنز الأميركية أنها ليست سوى “تكتيك” تتبعه طهران لكسب مزيد من الوقت لاستكمال مشروعها النووي.
وأبرم اتفاق نووي بين طهران وست قوى كبرى في العام 2015 في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، أتاح رفع عقوبات عن إيران مقابل تقييد نشاطاتها النووية وضمان سلميتها.
وردا على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في عام 2018 أثناء الولاية الرئاسية الأولى لدونالد ترامب، بدأت طهران التراجع تدريجا عن غالبية التزاماتها بموجب الاتفاق، واتخذت سلسلة خطوات أتاحت نمو برنامجها النووي وتوسّعه إلى حد كبير.
وحدد الاتفاق النووي مع إيران المعروف رسميا باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة” والذي فشلت مفاوضات في إحيائه في العام 2022، معدل التخصيب الأقصى عند نسبة 3.67 في المئة.
ويشير نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق، هنري إنشر، إلى أن اتفاق عام 2015 كان “خطوة مهمة”، لكنه لم يتناول جميع الجوانب المثيرة للقلق في سلوك إيران على الصعيدين الإقليمي والدولي، بحسب قوله.
وأوضح إنشر أن اتفاق 2015 “لم يشمل القضايا المتعلقة بتصرفات إيران في المنطقة وحول العالم، وهو أمر لطالما كان للولايات المتحدة موقف واضح حياله”.
وأشار إلى أن المحادثات المقبلة التي من المقرر أن تنعقد الجمعة المقبلة في جنيف قد تتيح فرصة لطرح جميع هذه القضايا على الطاولة، بما في ذلك الأنشطة الإقليمية والنووية الإيرانية.
وقالت الخارجية الإيرانية في بيان امس الاول الأحد إن محادثات الجمعة الماضية مع فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، ستتناول، إلى جانب الملف النووي، الوضعين الإقليمي والدولي “بما يشمل قضيتي فلسطين ولبنان”.
وتعد إيران داعما أساسيا لحزب الله في لبنان ولحركة حماس في قطاع غزة، وكلاهما في حرب بمواجهة إسرائيل عدوة طهران اللدودة منذ قيام الجمهورية الإسلامية في العام 1979.
وتتصاعد التوترات بشأن البرنامج النووي الإيراني. وتنفي طهران أن تكون لديها طموحات نووية على الصعيد العسكري وتدافع عن حقها بامتلاك برنامج نووي لأغراض مدنية ولا سيما في مجال الطاقة.
لكن سوليفان يشير إلى أن إيران “تسابق الزمن نحو امتلاك القنبلة النووية”، ويعتقد أن طهران تستخدم “استراتيجيات معقدة لخلق الضبابية حول أنشطتها النووية”.
ولفت سوليفان إلى أن إيران أصدرت تصريحات متناقضة في الأيام القليلة الماضية، إذ أنه بعد يومين فقط من إعلانها التوقف عن إنتاج اليورانيوم المستخدم في صنع القنبلة النووية، قالت إنها تقوم بترقية أجهزة الطرد المركزي لتسريع تخصيب اليورانيوم.
وأضاف سوليفان: “من خلال ترقية هذه الأجهزة، يمكن لإيران إنتاج يورانيوم مخصب بدرجة أعلى باستخدام وحدات أقل، مما يجعل العملية أكثر كفاءة وأسرع”.
وأعربت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا السبت عن “قلقها الشديد” إزاء اعتزام إيران تشغيل مجموعة من أجهزة الطرد المركزي الجديدة ضمن برنامجها النووي، وحثّت الدول الثلاث طهران على توثيق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وجاء إعلان إيران عن محادثاتها المرتقبة الجمعة بعد أن تقدمت القوى الغربية الأربع باقتراح ينتقد الجمهورية الإسلامية في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يضم 35 دولة.
وتستخدم أجهزة الطرد المركزي في تخصيب اليورانيوم المحول إلى غاز من خلال تدويره بسرعة كبيرة ما يسمح بزيادة نسبة المادة الانشطارية (يو-235) لاستخدامات عدة.
ويعتقد سوليفان أن هذه التحركات قد تكون جزءا من خطة إيران لتأجيل أي إجراءات أكثر صرامة من جانب الدول الأوروبية أو القوى الدولية الأخرى.
وفي الوقت الذي يستمر فيه البرنامج النووي الإيراني بالتقدم، يزداد القلق من أن تكون طهران قد وصلت بالفعل إلى مرحلة متقدمة من امتلاك المواد اللازمة لتطوير سلاح نووي.
ويؤكد إنشر أن إيران خصبت اليورانيوم إلى مستويات تقارب تلك اللازمة لإنتاج سلاح نووي، “لديهم المواد التي يمكن استخدامها في تصنيع القنبلة، وهذا يمثل مشكلة كبيرة. يجب أن نعيد إيران إلى الوراء ونخفض قدرتها على التخصيب إلى مستويات آمنة”.