-1-
رحم الله الجواهري الذي خاطب الامام الحسين (ع) قائلا :
ويا أيّها الوتر في الخالدين
فَذَّا الى الآن لم يشفعِ
مَنْ يقرأ سيرة الامام الحسين (ع) يجد في ثناياها من المواقف ما يُبهر شمما وكرماً وشجاعةً ومروءةً وانسانيةً مع نكران عجيب للذات …
-2-
ليلة العاشر من المحرم سنة 61 هـ وقد أحاط به الجيش الاموي – وكان يضم ثلاثين ألفاً – يتوجه الحسين (ع) الى أصحابه ويخطب فيهم خطبة عصماء يقول فيها :
” ألا واني لاظنّ يومنا من هؤلاء غداً ، ألا واني قد أذنت لكم جميعا فانطلقوا في حلٍّ ليس عليكم مني حرج ولا ذمام وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جَمَلا وذروني وهؤلاء القوم فانهم لا يريدون غيري ولو أصابوني لذهلوا عن طلب غيري “
والسؤال الان :
كيف تقرأ هذا الموقف ؟
والجواب :
ان الحسين (ع) في الوقت الذي كان محتاجا فيه الى مَنْ ينصره على اعدائه، رخص أصحابه في الانصراف عنه ، ليقابل بمفرده جحافل الاعداء
انّ هذا اللون من نكران الذات لم يشهد له التاريخ مثيلا .
انّ اعداءه يريدونه ولا يريدون غيره فلينصرف الاصحاب ،
وهو على اتم الاستعداد لمواجهة الاعداء وحيداً ..!!
وهذا منتهى الشجاعة والبطولة، ومنتهى الثقة بالله والتوكل عليه ..
-3 –
وفي الاثناء
قيل لمحمد بن بشير الحضرميّ ان ابنك قد أُسِرَ بثغر الريّ فقال :
” عند الله احتسبه ونفسي ،
ما كنتُ أحبّ أنْ يؤسر ،
وأبقى أنا بعده حيّا “
وهذه مشاعر أب حنون ازاء ولده
فلما سمع الحسين (ع) قوله ، قال له
” رحمك الله ،
أنتَ في حِلٍّ مِنْ بيعتي ،
فاعمل في فكاك ابنك “
فقال الحضرمي :
” أكلتني السباع إن فارقتُك “
وحين رآى الأمام الحسين (ع) إصراره على البقاء معه قال له :
” اعط ابنك هذه الأثواب والبرود يستعين بها في فِكاك أخيه “
وهذا يعني :
انه سمح له بالبقاء معه ، على أنْ يُرسل ابنَه الذي كان معه، للعمل من أجل فكاك اخيه الأسير، وقدّم له ما قيمتُه ألف دينار يستعين بها الابن في فكاك أخيه …
انه موقف وتر فريد ،
وهو موقف واحد من مواقفه الفذة التي ظلت (وترا) ولم ( تشفع ) الى الآن .
حسين الصدر