ما جَفَّ مِنْ هول الأسى
دمعٌ ولا هَدأَ العويلُ
رِيعَتْ بيوم الطفّ
فاطمةٌ وقد ثُكل الرسولُ
هيهات أن يُنسى الحسين
فما لمحنتِه مَثِيلُ
لا تحسبوا القَطراتِ دَمْعَاً
إنَّها مُهَجٌ تسيلُ
صلى الله عليك يا ابا عبد الله وعلى الدماء السائلات بين يديك
سيدي :
منذ يوم الطف في العاشر من المحرم سنة 61 هـ والى يومنا هذا لم تندمل جراحك، ولم تك جراحك الاّ جراحاً للانسانية التي وجدت فيك الرائد العظيم للدفاع عن الحق وعن المظلومين والمعذبين في الارض .
لم تكن جراحك البليغة مِنْ أجْلِ مَنْصبٍ او سلطان وأيُّ منصبٍ يُقاس بالامامة – التي هي رئاسة عامة في شؤون الدين والدنيا –
وهي طوع يديك ؟
والسلاطين يتشرفون بان يكونوا من مواليك .
لم تكن جراحك الاّ ملحمة
من ملاحم التضحية والفداء للدين والحق المضيع والانسانية المعذبة .
وهذه الجراح حملتك الى قلوب الأحرار والحرائر على مدى الأجيال جيلاً بعد جيل .
الثوار يتعلمون منك الصبر والثبات، ويستلهمون الدروس من وَثْبَتِك الكبرى ، وموقفك الفذ الأصيل ، الذي اعتبر الموت سعادة ، واستعذب الشهادة من أجل تحقيق الأهداف المقدسة، ولسان حالهم يقول :
لُحْ فوقَ تاجِ الفاتحِين شعارا
واسطع بدرب الثائرين منارا
لم تكن ثورتك المقدسة الا ثورة الحق على الباطل ،
وهذه الثورة لا تنتهي فصولها ما دامت الجهات الظلامية موجودة هنا أو هناك ، وما دامت القوى الشيطانية تسعى لاذلال المنتسبين الى مدرستك
انّك المنار الهادي ،
وانت الذي بنيت بالدماء الزكية صروح المجد والبقاء لشريعة جدّك المصطفى (ص) بعد أنْ كادت أنْ تُمحى على يد الامويين الاوغاد الذين تسري الجاهلية في عروقهم مع الدماء .
أمّا الدموع الجارية من عيون المفجوعين بك فما هي الاّ التعبير الصريح عن حجم ما ننطوي عليه الضلوع من حُبّ لك ، ومِنْ رفض لكل القوى الغاشمة التي أثخنتك بالجراح ،
فكلُ سهمٍ أصابك أصابَ قلوبَ مُحِبيكَ في الصميم ،
ولكنك تأبى أنْ تكون دمعةً فحسب
انك فكر نير ، ومنهج لاحب ، ومدرسة تُلقن الأجيال معنى الحرية ، وضرورة صيانةِ المقدسات والحفاظِ على الثوابت ولو بسفك المهج وبذل
النفوس ورحم الله الجواهري القائل :
وحزنا عليك بحبس النفوس
على نهجك النيّر المْهِيعَ
أنت مهوى القلوب والافئدة ، وراسمُ خرائط الحياة الحرة الكريمة للأمم والشعوب ولا ينفرد المؤمنون بحبك ، وانما سرى حبك الى قلوب كل الأحرار والحرائر في العالم
وتقام المآتم حزنا عليك في غرب الأرض وشرقها
وكل هاتف باسمك ورافع شعار :
( هيهات منا الذلة )
فسلام الله عليك وعلى كل قطرة من دمك الزكي ودماء أهل بيتك الطيبين وأصحابك الابطال الميامين .
حسين الصدر