في مقدمتها الوضع الاقتصادي
الصباح الجديد ـ متابعة:
تنتظر الرئيس الإيراني الجديد الذي سيفوز في الانتخابات التي تجرى دورتها الأولى في 18 يونيو، سلسلة تحديات أساسية، من الاقتصاد إلى العلاقات الخارجية والأزمة الصحية.
وعرضت وكالة “فرانس برس” في تقرير أبرز ما ينتظر الرئيس الجديد قبل الموعد الانتخابي الذي سيشهد دورة ثانية في 25 الحالي في حال عدم نيل أي من المرشحين السبعة الغالبية المطلقة في الدورة الأولى.
الوضع الاقتصادي
يعد الوضع الاقتصادي أولوية في جدول أعمال الرئيس الجديد للجمهورية، حيث دخلت إيران في ركود اقتصادي اعتبارا من العام 2018، في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة بشكل أحادي من الاتفاق حول البرنامج النووي، وإعادة فرضها عقوبات اقتصادية قاسية على طهران.
وفي أول مناظرة، من بين ثلاث مناظرات استعدادا للانتخابات، اتهم رئيس الحرس الثوري السابق محسن رضائي المرشح المعتدل الرئيس السابق للبنك المركزي عبد الناصر همتي “بالرضوخ الكامل” للعقوبات الأميركية وقال إنه ينبغي أن يواجه اتهامات بالخيانة، بحسب رويترز.
من جهته، اتهم همتي غلاة المحافظين بأنهم وراء عزلة إيران على الساحة الدولية وتقويض اقتصادها الذي تهيمن على قطاعات واسعة منه مؤسسات ضخمة يديرها المحافظون.
وزادت من حدة الأزمة تبعات جائحة كوفيد-19 التي تعد إيران أكثر الدول تأثرا بها في منطقة الشرق الأوسط.
وشدد المرشحون السبعة على أولوية رفع العقوبات الأميركية الذي يؤمل في أن يتحقق من خلال المباحثات غير المباشرة الجارية حاليا في فيينا سعيا لإحياء الاتفاق من خلال عودة واشنطن إليه، وإطلاق عجلة الاقتصاد المحلي مجددا.
ويقول الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية “إيريس” في باريس تييري كوفيل، “في حال تم رفع العقوبات، سينعكس ذلك استقرارا على البيئة الاقتصادية الكلّية مع زيادة في النمو وتراجع في مستوى التضخم”.
ويرى الخبير في الاقتصاد الإيراني أن ذلك يجب أن يترافق مع توفير حاجات المواطنين “لأن إحدى المخاطر هي أن يعتقد الناس أن كل شيء سيتحسن على الفور (اذا تم رفع العقوبات)، وفي هذه الحال سيواجهون خيبة أمل كبيرة”.
وقال المرشح المعتدل محسن مهر علي زادة إن الاقتصاد لا يمكن أن يديره أولئك الذين يحملون فقط شهادات تقليدية في العلوم الدينية مثل رئيس السلطة القضائية المحافظ المتشدد ابراهيم رئيسي، المرشح الأوفر حظا للفوز في الانتخابات.
وأضاف علي زادة الذي يحمل شهادة الدكتوراه في الإدارة المالية “كل ما لديك ست سنوات من التعليم التقليدي، ومع احترامي لدراساتك الدينية، لابد أن أقول إن المرء لا يمكنه أن يدير الاقتصاد ويرسم الخطط للدولة بهذا القدر من التعليم”.
وهاجم رئيسي حكومة روحاني بسبب التضخم المتسارع والهبوط السريع في قيمة العملة الإيرانية ورفض تعليقات همتي والمعتدلين الآخرين الذين يلقون باللائمة على العقوبات الأمريكية في تفاقم المصاعب الاقتصادية في إيران والذين يقولون إنه بدون حسن الإدارة لكان البلد في وضع أسوأ بكثير.
العلاقات الدولية
حتى في حال التوصل إلى تسوية بشأن الملف النووي، وهو أمر مطروح في ظل التقدم التدريجي الذي حققته المباحثات المتواصلة منذ مطلع أبريل في فيينا، يرى الباحث الفرنسي، كليمان تيرم، المتخصص بالشأن الإيراني في المعهد الجامعي الأوروبي في فلورنسا، أن ذلك “لن يؤدي إلى عودة المستثمرين الأجانب إلى السوق الإيرانية على المدى القريب”.
أحرزت إيران والولايات المتحدة تقدمًا في كل قضية تقريبًا قيد المناقشة في المحادثات غير المباشرة بينهما، على مدار الشهرين الماضيين، بشأن إحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015، لكن يبدو أن التوصل لاتفاق هو أمر بعيد المنال في وقت لم تُحل فيه الكثير من القضايا الصعبة، وفقا لصحيفة واشنطن بوست.
ويضيف أن “شرطا لا غنى عنه لحصول ذلك هو تطبيع في العلاقات الدبلوماسية بين طهران وواشنطن”.
لكن أمرا كهذا يبدو مستبعدا خصوصا في ظل الريبة وانعدام الثقة بين طهران وواشنطن التي تعتبرها إيران “الشيطان الأكبر”.
لذلك، يعتبر تيرم أن “على الرئيس الجديد إيجاد مسار جديد من أجل ضمان تحسن بالحد الأدنى للظروف الاقتصادية للشعب من خلال إدارة منسوب التوتر مع (إدارة الرئيس الأميركي جو) بايدن”.
وأبدى رئيسي، رغبته في منح الأولوية لتعزيز علاقات إيران مع الدول المجاورة. وفي حال فوزه، يتوقع أن يستمر اضطراب العلاقة مع دول الغرب، في مقابل العمل على تحسين العلاقات مع دول قريبة أبرزها السعودية، وفق تقدير بعض المحللين، بحسب فرانس برس.
الخروج من الأزمة الصحية
إيران هي أكثر دول الشرق الأوسط تأثرا بفيروس كورونا، ولم تتمكن حتى الآن من المضي قدما في حملة التلقيح الوطنية بالسرعة المرغوبة.
ويمكن للحكومة الجديدة تسريع العملية في حال نالت طهران تخفيفا للعقوبات في هذا المجال، أو نجحت بعض مشاريع اللقاحات المنتجة محليا، في إنجاز الاختبارات السريرية ونيل الموافقة الرسمية لاعتمادها.
استعادة ثقة الناس
يرى الصحافي الإصلاحي أحمد زيد آبادي أن “أزمة الثقة (بين الناس والسلطات) عميقة وواسعة”.
ومن الإشارات على ذلك، نسبة الامتناع القياسية (57 بالمائة) عن المشاركة في الانتخابات التشريعية لعام 2020، وهو ما يخشى أن ينعكس أيضا على الانتخابات الرئاسية.
وفي ظل قرار مجلس صيانة الدستور الذي يهيمن عليه المحافظون بمنع مرشحين معتدلين ومحافظين بارزين من خوض الانتخابات، من المرجح أن يشهد التصويت إقبالا ضعيفا بشكل قياسي، بحسب رويترز.
وشهدت إيران محطات عدة في الأعوام الماضية ساهمت في تعميق هذه الهوة، مثل حادث إسقاط الطائرة الأوكرانية عن طريق “الخطأ” ووفاة 178 شخصا على متنها في يناير 2020، والذي لم تقر السلطات بمسؤوليتها عنه سوى بعد ثلاثة أيام من الإنكار، أو التعامل بالشدة وسقوط ضحايا خلال احتجاجات في شتاء 2017-2018 ونوفمبر 2019.
ويرى زيد آبادي أن على “الحكومة المقبلة اتخاذ بعض الإجراءات الفورية من أجل استعادة الثقة”، من ضمنها “رفع الحظر عن بعض شبكات التواصل الاجتماعي مثل تلغرام وتويتر، والحد من الصرامة بشأن الحجاب”.
البيئة.. منسية
يعتبر كوفيل أن “الأزمة البيئية في إيران باتت واقعا”، لكن حتى الآن “ثمة انطباع بأن الحكومة لا تزال غير قادرة على وضع سياسة” للتعامل معها.
من جهته، يرى زيد آبادي أن “الموارد المالية استنفدت”، مشيرا أيضا إلى “تدمير الموارد الطبيعية” بضغط من بعض النشاطات الاقتصادية، مبديا أسفه لأن “المسؤولين يتناسون (هذه الأزمة) كليا بمجرد أن تمطر السماء مرتين”.
وغابت القضايا البيئية عن تصريحات المرشحين خلال المناظرات التلفزيونية الثلاث التي أجريت بينهم.
ويرى تيرم أن “الأسئلة البيئية ستكون ذات أهمية كبيرة”، لكن “أسباب المشكلة تتخطى صلاحيات الرئيس”، وترتبط “بمصالح اقتصادية لشركات” شبه رسمية غير مرتبطة بالحكومة.