الصباح الجديد – متابعة:
المراهقة هي العمر الفاصل بين الطفولة والرشد، تختلف في بدايتها ونهايتها من شخص لشخص آخر ومن مجتمع لمجتمع .
قسم العلماء سن المراهقة لثلاثة أقسام: المراهقة المبكرة والمراهقة المتوسطة والمراهقة المتأخرة، وهي مدة متقلبة وصعبة تمر على الإنسان، وتكون بمنزلة الاختبار الأول له في حياته الممتدة، حيث أن مستقبل الإنسان وحضارة الأمم تتأثر كثيرًا بمراهقة أفرادها.
بسبب التغييرات الجسمانية التي تحدث داخل الجسم في مرحلة المراهقة يكون الشخص بمزاج معقد، وافكار تصب كلها في خانة التمرد اذ يحاول اثبات وفرض شخصيته على الاخرين بمن فيهم الاهل كذلك محاولة اثبات انه وصل مرحلة الشباب وغادر مرحلة الطفولة، واحيانا يسلم المراهق سبل فيها شيء من الوقاحة ليصل الى غايته.
يتحدث الدكتور محمود الجوهري استشاري الطب النفسي، عن أسباب تمرد واندفاع المراهق والتغيرات الجسدية والنفسية والفكرية التي تحدث للمراهق ويصاحبها الكثير من الاضطرابات، التي يعبر عنها بسلوك إما عدواني أو فوضوي وإما تهكمي مبالغ فيه، ويقول: «المراهق في هذه الفترة يعد مساعدة الأهل تدخلاً، والنصيحة تسلط، وتوجيه النقد إليه إهانة، فيعترض على أهله في كل ما يقولونه وإذا لم يوافقوه الرأي ولم ينفذوا رغبته يصفهم بأنهم جيل قديم وغير منطقيين ولا يحسنون الحكم على الأشياء.
ويضيف: «تكون الوقاحة في كثير من الأحيان تعبيراً عما ينتابه من شعور بالألم والحزن واليأس والصراعات الداخلية، وعن توقه -أيضاً- للتمرد وإثبات الوجود. ولكن بشكل سلبي.
وتابع: «التجاوز اللفظي «الوقاحة» ظاهرة منتشرة بين العديد من المراهقين، ولكنها متفاوتة، نظراً لانشغال بال المراهق بهويته الشخصية الناشئة، خاصة بعد أن يكتشف تميزه وتفرده بعدما كان بالأمس القريب في حالة انصهارية مع والديه. محاولة الانسلاخ عن مبادئ العائلة وقوانينها إحدى وسائل المراهق لتأكيد تميزه عن بقية أفراد العائلة وإثبات هويته المستقلة وهو أمر طبيعي يتوافق وتطور المراهق النفسي.
وذكر: «وقاحة المراهق تعبير عن المشاعر المعقدة التي تجتاحه، وتعد طريقة لتطوير إحساسه بهويته الخاصة، ورغبته في التحرر من التربية التي تلقاها من أهله، بأن يتكلم بالطريقة التي يريدها وأن يفعل ما يحلو له، والهدف اختبار قدرة أهله على مقاومة أهوائه واحترامهم للقوانين العائلية التي وضعوها».
يجمع علماء التربية على أن مرحلة المراهقة ليست المسؤولة وحدها عن وقاحة المراهق وتجاوز سلوكياته بل إن للأهل دوراً في ازدياد درجة الوقاحة عند الابن، وأحياناً تكون السبب الرئيس، وللعلاج طرق ووسائل. ابتعدوا عن المعاملة المشوشة مع المراهق تبعاً للمزاج، فلا تعاملوه كالطفل الصغير العاجز عن تحمل المسؤولية، بل كما لو كان شخصاً راشداً.
واضاف: «لا تقللوا من ثقتكم بحكم ابنكم المراهق على الأشياء وتقديره للأمور، ولا تصروا على أن يكون الابن صورة طبق الأصل منكما. تأكدوا أن كثرة القيود الاجتماعية تحد من حركة المراهق وتطلعاته، إضافة إلى أن السلطة المتشددة للوالدين تشعر المراهق بالاضطهاد والاختناق، فينفجر وقاحة عند توجيه أي ملاحظة. ولو كانت اعتيادية».
واكد: «احذروا التفكك الأسرى والحرمان العاطفي وغياب التوجيه الأبوي السليم، مع عدم وجود القدوة الصحيحة.. فهي أمور تنعكس على المراهق شعوراً بعدم الأمان، مع النظر إلى الوالدين بعدم احترام، وبالتالي ليس من حقهم -كما يعتقد- توجيه أي ملاحظة إليه».
واشار الى انه لابد من المتابعة اليقظة تجاه رفاق الابن «لابد من المتابعة اليقظة المتزنة من جانب الأهل تجاه أصدقاء ورفاق الابن المراهق، حتى لا يؤدي الأمر إلى تعلم السلوك الشاذ، فضلاً عن ملاحظة تأثير مشاهدة الأفلام التي تشجع على التمرد والعنف».
وذكر انه على الآباء التنبه إلى أسلوب التخاطب في العائلة «فالمراهق يميل إلى نسخ طرق تعبير الراشدين معتقداً أنه بذلك يظهر لأهله أنه أصبح ناضجاً، لذا احرصوا على الابتعاد عن عبارات اللوم واستعمال الألفاظ الخارجة معه، وعليكم بين الحين والحين الاخر الاعتراف بصواب رأي ابنكم المراهق ومساعدته في التفكير السليم، مع تعزيز المبادرات الإيجابية إذا بادر وقام بسلوك إيجابي يدل على احترامه للآخرين».
وختم: «لابد من مشاركة الأهل للابن عند القيام بنشاطاته المفضلة، مع التشجيع على وضع أهداف عائلية مشتركة واتخاذ القرارات بصورة جماعية مقنعة. وعدم التركيز على سلبيات المراهق وإغفال الإيجابيات التي يقوم بها وتجنب معاملته كما الطفل. ولكن من المبالغة في تلبية كل رغباته، بل بتفهم وجهة نظره، كي يشعر بوجوده وحقه في التعبير عن رأيه، ويعلم أن هناك آذاناً صاغية وقلوباً متفتحة، لا مجرد مجاملة ومداهنة ومسايرة لفض النزاع».