للتوصل الى اتفاق تجاري
متابعة ـ الصباح الجديد:
دخل المسؤولون الأوروبيون والبريطانيون في الساعات الأخيرة من سعيهم إلى التوصل لاتفاق تجاري لمرحلة ما بعد بريكسيت. ولا تزال هناك اختلافات كبيرة، ولا سيما بشأن ملف الصيد البحري. وفي حين اعتبرت لندن أن مطالب الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالصيد غير «معقولة»، أكدت الدول الأعضاء في الاتحاد أنها لن تتنازل عن هذه النقطة. أما بروكسل فترى أن على الطرفين بذل «جهد حقيقي وملموس».
ونبه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى أن «الوضع يبدو صعبا، إذ ثمة هوة ينبغي ردمها. لقد بذلنا الكثير ونأمل أن يطرح أصدقاؤنا في الاتحاد الأوروبي ، شيئا ما على طاولة» المفاوضات قبل أقل من أسبوعين على خروج بريطانيا من السوق الأوربية الموحدة.
ومن جهتها، تعتبر لندن أن مطالب الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالصيد غير «معقولة». وتُعدّ هذه القضية شديدة الأهمية بالنسبة للعديد من الدول الأعضاء، بما في ذلك فرنسا وهولندا وإسبانيا، وقد قال الأوروبيون مرارا وتكرارا إنه لن يكون هناك اتفاق تجاري دون التنازل عن هذه النقطة.
«إنها لحظة الحقيقة»
وصرح كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه للبرلمان الأوروبي «إنها لحظة الحقيقة. لم يتبق لدينا سوى القليل من الوقت، بضع ساعات فقط لإنجاح هذه المفاوضات».
مداخلة أنور القاسم مراسل فرانس24 حول محادثات «الفرصة الأخيرة» حول بريكسيت
وبعد بداية الأسبوع التي اتسمت بتفاؤل حذر بشأن إمكان التوصل إلى اتفاق، يبدو أن المواقف تتصلب.
واعتبر الخبير في مجموعة أوراسيا مجتبى رحمن أن «تشاؤم» جونسون «تكتيكيّ» في محاولة «لانتزاع تنازلات اللحظة الأخيرة من الأوروبيين».
وأطّلع البرلمان الاوروبي على نص أي اتفاق امس الأحد على أبعد تقدير، فيما تقول حكومة المملكة المتحدة إنها لن تسمح للمحادثات بتجاوز موعد 31 كانون الأول.
وبعد مغادرتها رسميا الاتحاد الأوروبي في 31 كانون الثاني ، ستخرج المملكة المتحدة نهائيا من السوق الموحدة والاتحاد الجمركي الأوروبي في 31 كانون الأول ، مع اتفاق أو من دونه.
مع ذلك، شهدت ملحمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي منعطفات عدة، واستمرت المفاوضات امس الأحد، إذ لا تزال هناك إمكانية لدخول اتفاقية حيز التنفيذ مؤقتا في الأيام الأخيرة من شهر كانون ، وهو خيار يبدو أن الدول الأعضاء تفضّله ولكن البرلمان الأوروبي يعارضه.
وفي ما يتعلق بقضية الصيد الشائكة التي جعلت منها لندن رمزا لسيادتها، يريد الاتحاد الأوروبي الحفاظ على حق الوصول إلى المياه البريطانية الغنية بالأسماك.
ووفق دبلوماسي أوروبي، سيعرض الاتحاد الأوروبي التنازل عما نسبته 15 إلى 18% من قيمة نحو 650 مليون يورو مما تصطاده القوارب الأوروبية في المياه البريطانية كل عام وعلى مدة عشر سنوات. لكن بحسب المصدر نفسه، تريد المملكة المتحدة حصة بنسبة 60% مما يحصل عليه الأوروبيون حاليا، خلال أقل من ثلاث سنوات.
«غير عادل ولا مقبول»
وأوضح بارنييه الذي توجه إلى المحادثات الأخيرة مع نظيره البريطاني ديفيد فروست فور لقائه أعضاء البرلمان الأوروبي، أن مسألة الصيد البحري ما زالت نقطة الخلاف الرئيسية. وتابع «نحن لا نطلب أكثر من التوازن بين الحقوق والالتزامات، والمعاملة بالمثل من حيث الوصول إلى أسواقنا والمياه».
وإذا رغبت المملكة المتحدة بقطع الوصول إلى مياهها «يجب أن يكون للاتحاد الأوروبي أيضا حق سيادي في الرد أو التعويض، عن طريق تعديل شروط الوصول إلى أسواقه لجميع السلع وعلى وجه الخصوص المنتجات السمكية وهنا تكمن إحدى الصعوبات الكبرى»، حسب بارنييه.
وأوضح «لا أظن أنه سيكون من العدل أو المقبول ألا يسمح للصيادين الأوروبيين… بالوصول إلى تلك المياه بينما تبقى بقية الاتفاقية، خاصة بالنسبة للشركات البريطانية، على حالها».
ويرى كثر في بروكسل أن الخطاب المحموم من الجانبين كان بمثابة مناورة لتحقيق مكاسب في اللحظات الأخيرة قبل توقيع الاتفاق الذي يقال إنه جاهز بنسبة 95 في المئة.
ويبدو أن الموضوعين الآخرين اللذين كانا يعرقلان كذلك المفاوضات، وهما شروط المنافسة العادلة وإدارة الاتفاقية في المستقبل، باتا في طور الحل.
وفي ما يتعلق بالضمانات التي يطلبها الاتحاد الأوروبي المرتبطة بالمنافسة من أجل الحماية من أي إغراق اجتماعي أو مالي أو بيئي من الشركات البريطانية، قدمت المملكة المتحدة تنازلات وتتوقع في المقابل مزيدا من المرونة من بروكسل بشأن الصيد.
وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق تجاري، ستتم المبادلات بين لندن وبروكسل وفق قواعد منظمة التجارة العالمية، ما قد يعني فرض رسوم جمركية أو حصص.
في غضون ذلك، تسعى أعداد غير مسبوقة من شاحنات نقل البضائع للعبور من فرنسا إلى بريطانيا مع اقتراب انتهاء المرحلة الانتقالية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ويسارع التجّار إلى تخزين البضائع قبل 31 كانون الأول ما يؤدي إلى تفاقم التأخير الناجم أصلا عن التهافت الذي يسبق عيد الميلاد وتعطل حركة الشحن جراء أزمة فيروس كورونا المستجد.