احلام يوسف
العديد من الاشخاص يؤمنون بان الحر يصيب الانسان بالتوتر وبالتالي يصبح بمزاج صعب ما يؤدي الى مشكلات كان من الممكن تلافيها، وهناك من يستشهد بالثورات التي حدثت بأكثر من دولة وكانت في فصل الصيف وتحديدا شهر تموز، لكن ما مدى صحة هذا الكلام؟ هل فعلا الجو يمكن ان يؤثر على حالتنا المزاجية؟ وهل هذا يعني ان الناس في فصل الشتاء يكونون اكثر هدوء؟
في دراسة نشرت نتائجها في مجلة Proceedings of the Royal Academy كشف باحثون خلالها عن العلاقة بين الفصول الموسمية والحالة المزاجية لدى الانسان.
وأرجعت الدراسة اسباب التأثر بالجو إلى هرمون الميلاتونين المسؤول عن تعديل الإيقاعات البيولوجية، والذي يطلق عليه اسم هرمون النوم أو هرمون السعادة، والذي يزيد نشاطه مع حلول الظلام، وفصل الشتاء، بوصفه فصلاً تغلب على السماء خلاله الغيوم التي تتسبب بغياب اشعة الشمس، ويقل إفرازه مع وجود الضوء.
ويظهر تأثير الجو وتقلباته في الحالة المزاجية في التراث الادبي أيضا، فمثلا ارتبط الربيع بالحب والفرح وكل ما من شأنه العلو بالنفس الى مراتب عليا من الجمال، والشتاء والصيف بالحدة والانفعالات، اما الخريف فغالبا يعبر عنه بحالة الذبول، والنهايات الحزينة.
العلم الحديث أكد وجود هذه العلاقة، اذ تقول سناء طه باحثة بعلم النفس: هناك علاقة بين حالة الاتزان والهدوء، والسلوكيات العامة، والتغييرات الجوية وذلك من خلال تأثيرات كهربائية ومغناطيسية كونية، يتفاعل معها عقل الإنسان والجهاز العصبي، وتكون المحصلة النهائية تغييرات بيولوجية في جسم الإنسان مع كل فصل، ومع كل تغيير مناخي.
وتضيف: موضوع العلاقة بين مزاج الفرد والجو لا يتعلق في الفصول الموسمية فحسب بل حتى في ساعات اليوم، اذ نجد ان المزاج صباحاً يختلف عنه وقت العصر والغروب والليل، وانصح بمن لديهم القابلية على التغيير البايولوجي والتغييرات المناخية الى ممارسة بعض النشاطات، مثلا دعوة الأصدقاء وقت الغروب ان كان هذا الوقت يتسبب له باضطراب او حزن بشكل ما، او زيارة الى احدهم، اختلاق مواضيع جميلة للتحاور بشأنها حتى وان كان الموضوع يخص علاقات الحب والتغييرات التي طرأت على هذه العلاقة في زمن التكنولوجيا.
وتابعت: “التسوق بالنسبة للعديد من النساء متعة كبيرة، فان كانت لا تعاني من ضائقة مالية لا بأس ان تقوم بالتسوق برفقة احدى الصديقات، وفي الوقت الذي تجد نفسها مكتئبة فيه، وغيرها العديد من الأنشطة التي لا يسعني ذكرها جميعها هنا، المهم ان لا نستسلم لحالة البؤس التي تصيبنا في بعض المواسم والاوقات، واشدد هنا على القيام بالأنشطة المختلفة في تلك الأوقات فذلك يساعدنا بمرور الوقت على تخطي الأمر وحتى تأثيره علينا بيولوجيا”.
هناك من يربط حالة الحزن او الاكتئاب بجو معين الى ذكرى مؤلمة حدثت في مثل هذا الجو او هذا الفصل، وهناك من يشعر بالاكتئاب عندما تتلبد السماء بالغيوم، فبالرجوع الى كلام سناء طه علينا ان نختار ممارسة أحد الأنشطة في تلك الأجواء، فحتى الذكريات التي تخص بعض الأماكن والأجواء، يمكن لنا ان نستبدلها بذكريات اجمل.
نعم..التغييرات المناخية تنعكس على امزجتنا سلبا وايجابا
التعليقات مغلقة