الصباح الجديد – متابعة:
قالت بي بي: ولى عصر نمو الطلب على النفط – رويترز: نهاية لعبة النفط، وأوبك تستعد لعصر يتضاءل فيه الطلب النفطي – ذا غارديان: حتى عمالقة النفط يمكنهم الآن توقع نهاية عصر النفط.
هذا غيض من فيض التنبؤات التي بدأت تتواتر مؤخراً، بأن الطلب على النفط بلغ ذروته، أو على وشك الوصول إليها، في ظل تباطؤ وتيرة التعافي، وتذبذب أسعار النفط، ما دفع مؤسسات دولية بارزة، كوكالة الطاقة الدولية، إلى تخفيض سقف توقعاتها أكثر من مرة.
ووسط هذه التنبؤات القاتمة، حاول مايكل لينش، المحلل النفطي البارز، ومؤلف كتاب The Peak Oil Scare (فزع الذروة النفطية)، أن يقدم صورة وقراءة متعمقة لهذه الأزمة، في مقال نشرته مجلة فوربس الأميركية، تحت عنوان (ذروة الطلب النفطي.. مجددا؟).
خلص لينش، في مقاله، إلى أن كثيراً من التكهنات والتنبؤات في هذا الصدد، لا تستند إلى تحليلات ورؤى متعمقة، تجسد طبيعة صناعة النفط، وإنما أفكار سطحية ومخاوف متأثرة بالوضع الراهن لأسعار النفط.
وقال لينش: “يسارع الناس بنشر تنبؤات ووصفات وآراء خيالية عن مستقبل خيالي.. والحقيقة أن النفط يظل -إلى حد بعيد- هو الوقود المفضل في وسائل النقل، رغم الطفرة التي شهدتها مصادر الطاقة المتجددة.. ومن غير المرجح أن تغير تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد من هذا الوضع”.
وأوضح لينش أن الحديث عن بلوغ الذروة النفطية، وبداية منحنى الهبوط “يستند إما على حسابات سيئة، أو الافتراضات بأن الصناعة قد لا تستطيع مواصلة التغلب على مشكلاتها القديمة، مثل نضوب النفط”.
الهند تتوقع عودة الطلب على النفط أسرع من توقعات أوبك ووكالة الطاقة الدولية يعرف أي شخص مطلع على صناعة النفط- والكلام للينش- أن التنبؤ بحدوث ذروة في إنتاج النفط تردد عدة مرات على مر العقود، لكنه لم يتحقق أبدا. تنبأ بعضهم مرارا بنهاية الصناعة، بما في ذلك زوال النموذج التقليدي القديم للطاقة، مقابل تقنيات أو وقود أحدث وأفضل.
حتى سبعينات القرن الماضي، كان عدد قليل من الناس يرون نهاية لعصر النفط. بيد أن ازدهار السيارات أدى إلى ظهور طلب شديد على النفط، والذي تباطأ فقط عندما ارتفعت الأسعار، وتوقف النمو الاقتصادي، وهو وضع كان مؤقتا، ولم يستمر طويلا.
مع ذلك، طرح بعض المعنيين بالطاقة ثلاثة سيناريوهات مروعة، أولها، أن الصناعة ستتدهور، وثانيها، أن الطلب على النفط سيبلغ ذروته. أما السيناريو الثالث، فهو أن الوقود وتكنولوجيا الطاقة المتجددة ستحل محل النفط.
وفي هذا السياق، أشار لينش إلى أن منظومة النفط التقليدية واجهت تحديا، عام 1977، عندما حاول رولي وارنر، الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل، تنويع مصادر الطاقة خارج قطاع النفط، ظنا منه أن أولئك الذين لا يفعلون ذلك سيكون مصيرهم كمصير صانعي العربات التي تجرها الدواب.
وبالمثل، صرح مايك بولين، الرئيس التنفيذي لشركة آركو، عام 1999، قائلا: “لقد شرعنا في بداية الأيام الأخيرة للنفط”.
وفي هذا الصدد، لفت لينش إلى تحذير الشيخ أحمد زكي يماني، وزير النفط السعودي الأسبق، في عام 2000، من أنه خلال ثلاثين عاما لن يكون هناك “مشترون” للنفط ، لأن تكنولوجيا خلايا الوقود ستكون تجارية، بحلول نهاية ذلك العقد.
واتفقت مجلة إيكونوميست الاقتصادية العريقة مع يماني، عام 2003، بقولها “أخيرا، بدأت التطورات التكنولوجية في توفير وسيلة للاقتصادات، وخاصة اقتصادات العالم المتقدم، تنويع إمدادات الطاقة وتقليل الطلب على النفط.. خلايا وقود الهيدروجين وغيرها من طرق تخزين وتوزيع الطاقة، لم تعد حلما بعيد المنال، بل أصبحت حقيقة يمكن توقعها”.
ورغم كل هذه التنبؤات، زاد الطلب على النفط، منذ عام 2000، بمقدار 20 مليون برميل يوميا.
الحقيقة بعد تفشي جائحة فايروس كورونا، وانهيار الطلب على النفط جراء تدابير الإغلاق وتقييد حركة المواطنين ووقف السفر الجوي، وغيرها من التدابير التي شلت الاقتصاد العالمي، وهوت بأسعاره إلى أدنى مستوى في تاريخه، بل دفعت خام غرب تكساس الوسيط إلى المنطقة السلبية لأول مرة في تاريخه، خرج بعضهم بتساؤل: هل يودع الطلب النفطي عصر الذروة، ويكتب كورونا شهادة وفاة له في ظل النزيف الذي تشهده الصناعة حاليا؟
حاولت مؤسسة (ستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس) الإجابة عن هذا السؤال، في تقرير حديث، خلصت فيه إلى أن الطلب على النفط قد يمر بمراحل ذروة جديدة في عالم ما بعد كورونا، على الأقل حتى عام 2041.
يأتي ذلك، بينما توقعت شركة ريستاد إنرجي للبحوث ومعلومات الطاقة، ارتفاع الطلب على النفط، من شهر نوفمبر /تشرين الثاني المقبل، واستمرار ضعف الطلب من يوليو/تموز، إلى أكتوبر/تشرين الأول، وسط توقعات بموجة ثانية من فيروس كورونا تجتاح العالم.
وبالرغم من أن جائحة كوفيد-19 قد تكون ألحقت أضرارا دائمة باستهلاك النفط في قطاع النقل، فإن النمو القوي في قطاع البتروكيماويات يشير إلى أن ذروة الطلب على النفط يمكن أن تظل قائمة لعقدين من الزمن، وفقا لتوقعات ستاندرد آند بوروز غلوبال بلاتس.