عدته الحكومة الفلسطينية “يوما أسودا” في تاريخ العالم العربي
متابعة ـ الصباح الجديد :
شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن امس الثلاثاء مراسم توقيع اتفاقيتين للسلام وتطبيع العلاقات بين إسرائيل ودولتين خليجيتين، هما البحرين والإمارات، وهذا ما اعتبره مراقبون أول انفراجة من نوعها في العلاقات العدائية بين إسرائيل والعرب منذ نحو ثلاثين عاما.
ويعول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على ما حققه في هذا الملف لتسويق نفسه بوصفه “صانع سلام” وزيادة حظوظه في الفوز بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في الثالث من تشرين الثاني المقبل.
ووقعت الاتفاقيتان في احتفال كبير في العاصمة واشنطن، حرص رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب على تنظيمه ليشهد إقامة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو علاقات دبلوماسية رسميا بين الدولة العبرية وهاتين الدولتين العربيتين، في أول انفراجة من هذا النوع منذ معاهدتي السلام مع مصر والأردن في 1979 و1994.
وأدت هاتان المعاهدتان إلى زعزعة التوازن في الشرق الأوسط في حين يعول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عليهما لتقديم نفسه من خلالهما على أنه “صانع سلام” قبل سبعة أسابيع من الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
ولم يستبعد مسؤول أمريكي كبير مصافحة تاريخية بين رئيس الوزراء الاسرائيلي والممثلين العربيين، مؤكدا أن جميع المشاركين سيخضعون قبل ذلك لفحص فيروس كورونا المستجد.
ويجمع الإمارات والبحرين مع إسرائيل عداء مشترك تجاه إيران التي تعد أيضا العدو اللدود لواشنطن في المنطقة.
ولقد أقامت عدة دول نفطية عربية بتكتم علاقات مع السلطات الإسرائيلية لسنوات، لكن هذا التطبيع يوفر فرصا مهمة، ولا سيما الاقتصادية منها، لتلك البلدان التي تحاول التخلص من تداعيات أزمة فيروس كورونا.
ويؤكد ديفيد ماكوفسكي من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى “إنه إنجاز من الدرجة الأولى” ، مشددا على أنه “لا ينطوي على مخاطرة” للإسرائيليين “بالدرجة نفسها” التي واجهها مناحيم بيغن “عندما تخلى عن سيناء” لمصر، أو إسحق رابين عندما وافق على التفاوض مع ياسر عرفات.
وكانت “رؤية السلام” التي قدمها دونالد ترامب في وقت سابق من هذا العام بهدف إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بشكل نهائي، بعيدة عن النجاح. فقد رفضتها السلطة الفلسطينية التي لا تريد أن يقوم الرئيس الأمريكي حتى بدور وسيط منذ أن اتخذ سلسلة قرارات مؤيدة لإسرائيل.
“طعنة في الظهر”
وصرح رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية أن امس الثلاثاء كان “يوما أسود” في تاريخ العالم العربي، منتقدا “الانقسامات” فيه. ودعا الفلسطينيون الذين اعتبروا الاتفاق “طعنة في الظهر” من قبل الدولتين المتهمتين بعقد اتفاق مع الدولة العبرية من دون انتظار ولادة دولة فلسطينية، إلى مظاهرات الثلاثاء.
لكن إدارة ترامب قالت دائما إنها تريد هز المنطقة بشكل أعمق عبر تحقيق تقارب بين إسرائيل والعالم العربي في شكل من “اتحاد مقدس” ضد إيران. ويعكس الاتفاقان هذا التغيير وينقلان القضية الفلسطينية إلى مرتبة أدنى، كما كان يأمل البيت الأبيض.
وقال ديفيد ماكوفسكي “لم يعد هذا الشرق الأوسط الذي كان في عهد أبي بل منطقة جديدة” رفضت فيها الجامعة العربية، في حدث استثنائي، إدانة قرار الدولتين الخليجيتين. وقال الدبلوماسي الأمريكي السابق إن “الفلسطينيين سينتظرون ليروا ما سيحدث في الانتخابات الأمريكية، لكن عندما تهدأ الأمور سيتعين عليهم إعادة التفكير في موقفهم”.
ويشكل الاتفاقان انتصارا لبنيامين نتانياهو ويقربان إسرائيل من هدفها بأن تكون مقبولة في المنطقة. ويرى دونالد ترامب الذي يسعى لولاية ثانية ولم يحقق حتى الآن تقدما دبلوماسيا يُذكر للناخبين، في ذلك نجاحا يعترف به حتى خصومه الديمقراطيون.
ومنذ الإعلان في 13 آب عن الاتفاقية الإسرائيلية الإماراتية التي تلاها الأسبوع الماضي اتفاق مماثل مع البحرين، لا يكف معسكر الملياردير الجمهوري عن الإشادة بعمله الذي يستحق برأيه جائزة نوبل للسلام.
لكن خلافات ظهرت بالفعل بشأن الشروط المرتبطة بالاتفاق مع الإمارات. ففي نظر دول الخليج، وافقت إسرائيل على “إنهاء استمرار ضم الأراضي الفلسطينية”. لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي قال إنه “لم يتخل” عن ضم مساحات واسعة من الضفة الغربية المحتلة، بل أن الأمر “مؤجل” فقط. من جهة أخرى قال نتانياهو إنه يعارض، للحفاظ على التفوق العسكري لبلاده في المنطقة، بيع الإمارات مقاتلات أمريكية من طراز “اف-35” تريد ابوظبي شراءها.