احتفل العالم، ومن ضمنه العراق،مطلع الشهر الحالي ب(أسبوع المرور العالمي)،الذي أقرته الأمم المتحدة من أجل التوعية المرورية وزيادة الاهتمام بتحسين ظروف السياقة الآمنة على الطرقات وحفظ حياة الناس،في ظل تزايد ضحايا المرور في كل أنحاء العالم،فقد أصبحت السيارة بيد الكثيرين سلاحاً للدمار الشامل!
في برنامج تلفزيوني تحدث اللواء زهير الخفاجي مدير المرور العام، قبل أيام، موضحاً اجراءات مديرية المرور خلال الحظر الصحي والغرامات المرورية التي تفرض على المخالفين، وما أكثرهم، وبيّن السيد اللواء أن واردات المرور من الغرامات وغيرها أصبحت تقدر بالمليارات من الدنانير سنوياً،وأنها تذهب مباشرة إلى وزارة المالية،دون أن توظف تلك الأموال الطائلة في تطوير الواقع المروري المنهار في العراق!
معاناة المرور لا تخص المواطن فحسب، بل تتعلق بضباط ومراتب المرور، قبل غيرهم،فهؤلاء الرجال يواجهون قساوة الظروف الجوية ومخاطر الطريق وتجاوزات السائقين بصبر لا حدود له،في ظل عدم توفر تقنيات المرور التي يعرفها العالم ويطبقها، منذ عقود، وفي مقدمتها الإشارات الضوئية الذكية، ونشاهد شرطي المرور يقف وحيداً،كساع إلى الهيجاء بدون سلاح، في تقاطعات الطرق الفوضوية المزدحمة الخالية من الجسور والأنفاق والإرشادات والعلامات والرادارات ووسائل الأمان المعروفة!
في ما يخص المواطن والمرور، يمكن أن تسكب هنا العبرات بلا انقطاع،ابتداءً من مراجعات دوائر المرور وإجراءاتها الورقية المعقدة،ثم حدث ولا حرج عن (الغرامات)، وهنا بيت القصيد، وسوف أشرحها لعل السيد وزير الداخلية ومدير المرور يطلعان ويقرران تغيير طريقة فرضها وجبايتها، وإنصاف المواطن الغلبان!
قانون المرور الجديد الذي تم تشريعه وتطبيقه العام الماضي، تضمن غرامات ثقيلة على السائقين، بحجة كثرة المخالفات المرورية،ولكنه تجاهل، من جانب آخر، عناصر العملية المرورية التي ينبغي توفيرها من قبل الدولة، قبل محاسبة المواطن وتغريمه، فأصبح المواطن هو المتهم الأول والأخير، في ما يجري في الشارع،وعليه أن يدفع الغرامات المفروضة صاغراً عند مرجعته دوائر المرور في أية معاملة تخص سيارته!
ليس مبلغ الغرامة هو المشكلة فقط، ولكن طريقة فرض الغرامة هي المشكلة الأهم، فقد أصبح كل ضابط أو شرطي يقف في الشارع يمسك بيده دفتراً وقلماً ويسجل أرقام السيارات المارة،في أغلب الأحيان دون علم السائق،وتصدر الغرامات وتسجل في النظام الإلكتروني، وتضاعف بعد مرور شهر،دون تبليغ المخالف أو إرشاده او تنبيهه،فالمرور يعالج أولاً بالتوعية وليس بالعقوبة،كما يفترض، ولكن ما يجري هو العكس تماماً!
وسوف أضيف تفاصيل مزعجة يتحدث عنها أغلب المواطنين،وأرجو أن يتقبلها السيد وزير الداخلية،وهي أقرب الى الشائعة التي تقتضي التحقيق فيها،وكشف الحقيقة للرأي العام، ومفادها أن مديرية المرور تفرض على ضباطها عدداً محدداً من الغرامات شهرياً، ينبغي أن يقوم الضابط بفرضها على المواطنين،من أجل مضاعفة الإيرادات المالية،ولو صحت هذه المعلومة فهي طريقة غير قانونية وغير شرعية،وكل ما أرجوه أن تكون مجرد شائعة!
أقترح أن تتضمن آلية فرض الغرامة،إيقاف المخالف على جانب الطريق من قبل رجل المرور، وتبليغه فورياً بنوع المخالفة وإرشاده،ومن ثم فرض الغرامة إذا اقتضى الأمر، وتسليم السائق نسخة من وصل الغرامة الذي يوقعه الضابط المختص،وأن يقوم السائق بالتوقيع وكتابة الإسم ورقم الهاتف على النسخة الثانية التي ترسل إلى قسم الغرامات،لكي تكون الغرامة مُبلّغة و موثقة وليس عشوائية، ونطالب بتصفير كل الغرامات المسجلة حالياً!
أخيراً أتساءل:هل الغرامات تطبق على جميع المخالفين الطائشين بدون استثناء أم أنها تستهدف المواطن البائس وسائق التكسي الفقير!؟
د. محمد فلحي