الصباح الجديد ـ وكالات :
في اليوم الثاني لقمة الاتحاد الإفريقي السنوية في أديس أبابا، احتلت قضايا إصلاح الاتحاد الإفريقي واجهة الحوار خصوصا مسألة التمويل والتطوير التي تجسدت في إطلاق منطقة التبادل الحر القارية. وركزت مناقشات القمة التي حملت هذا العام شعار «إسكات الأسلحة» على إيجاد حلول للنزاعات التي تشهدها إفريقيا وعلى رأسها ليبيا. وودع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رئاسة الاتحاد الأحد ليتسلم رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا الرئاسة لمدة عام.
على الرغم من الإخفاقات السابقة، يسعى رؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي في قمة امس الإثنين واليوم الثلاثاء في أديس أبابا، إلى تعزيز مشاركتهم في الوساطات في عدد من النزاعات المسلحة التي تمزق القارة.
وتم الأحد افتتاح هذه القمة السنوية للمنظمة الإفريقية، التي تعقد تحت شعار «إسكات الأسلحة»، على ملاحظة مريرة، هي إخفاق الاتحاد الإفريقي في تنفيذ التعهد الذي قطعه في 2013 «بإنهاء كل الحروب في إفريقيا بحلول 2020».
وتمهيدا للقمة، رسم رئيس مفوضية الاتحاد موسى فكي صورة قاتمة للوضع في القارة، من الساحل إلى الصومال، معتبرا أن الوقت الذي مر منذ 2013 سمح بكشف «مدى تعقيد الإشكالية الأمنية في إفريقيا» أكثر مما أتاح تسوية النزاعات.
وعبر الاتحاد الافريقي عن رفضه لمشروع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، واعتبر فكي أن المشروع يمثل «انتهاكا آخر لعدة قرارات صادرة عن الأمم المتحدة».
وبعد اجتماعات قمة عديدة احتلت فيها الواجهة قضايا إصلاح الاتحاد الأفريقي وخصوصا تمويله وتنفيذ إجراءات مثل منطقة التبادل الحر القارية، تركز المناقشات في هذه القمة على النزاعات التي تشهدها إفريقيا وعلى رأسها ليبيا وجنوب السودان.
والقضايا الإشكالية عديدة من الإرهاب إلى الاحتجاجات التي تلي الانتخابات، والنزاعات كثيرة. وقد تحقق بعض التقدم في إفريقيا الوسطى والسودان لكن ظهرت أزمات أخرى من الكاميرون إلى موزمبيق.
وتولى رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا امس الأول الأحد رئاسة الاتحاد لمدة عام، خلفا للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. واعترف رامافوزا في نهاية كانون الثاني بحجم المهمة التي تقع على عاتق الاتحاد الإفريقي، مذكرا بأن النزاعات ما زالت تحد من تنمية إفريقيا.
ودعا رامافوزا إلى عقد قمة خاصة في أيار تتناول موضوع حلّ النزاعات، ولكن أيضا ملف إنشاء منطقة التبادل الحر القارية.
وقال «سنركز عملنا على حلّ النزاعات». ويخلف رامافوزا على رأس الاتحاد عام 2021 رئيس الكونغو الديموقراطية فيليكس تشيسيكيدي.
وصرح وزير خارجية جنوب إفريقيا ناليدا باندور إن الاتحاد الأفريقي «يجب أن يكون أكثر حيوية» في تصديه للنزاعات بدلا من ترك هذه المهمة لأطراف خارجية. وقال لوكالة فرانس برس «يجب أن نتحرك بسرعة أكبر».
ورأى فكي أن الأمر بات يتعلق بأن «نسأل أنفسنا عن الاسباب العميقة» للنزاعات وتقديم «حلول مبتكرة لها تحد من الحل العسكري عبر إرفاقها بإجراءات في مجالات أخرى، مثل التنمية».
وفي سياق الوساطة التي يقودها نائب رئيس جنوب افريقيا ديفيد مبوزا السبت الماضي، التقى رامافوزا بشكل منفصل كلا من رئيس جنوب السودان سلفا كير وزعيم المتمردين في البلاد رياك مشار في سبيل اعطاء دفع جديد للحوار بينهما.
ووقّع كير ومشار اتفاق سلام في أيلول 2018، لكن تأجل تشكيل حكومة وحدة وطنية عدة مرات، ولا يبدو أن ذلك سيحصل على المدى المنظور.
والتقى طرفا النزاع في جنوب السودان الأحد في إطار وساطة الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا (ايقاد)، لكن لم يسجل أي تطور حول تحديد عدد الولايات وحدودها الذي يمثل نقطة محورية في الخلاف، وفق ما قال وزير الإعلام في جنوب السودان ميخائيل ماكوي لوكالة فرانس برس. وبين الخلافات الداخلية والتمويل غير الكافي لمهمات حفظ السلام، يواجه الاتحاد الإفريقي صعوبة في أن يصبح جهة فاعلة لها وزنها في تسوية النزاعات.
ومن أولويات الاتحاد شغل مكان أكبر في عملية المفاوضات لتسوية الأزمة في ليبيا، الملف الذي تتولى إدارته الأمم المتحدة واشتكى الاتحاد الإفريقي مؤخرا من «تجاهله ، بشكل منهجي» فيه على حد قول ناطقة باسم فكي.
لكن لتحقيق ذلك يجب تجاوز الخلافات الداخلية ،ذكرت مصادر عدة أن مصر التي لها وزن كبير في المنطقة وحليفة المشير خليفة حفتر لا تريد أن يهتم الاتحاد الإفريقي بهذا الملف ، وإقناع الأوروبيين الناشطين جدا نظرا لقرب موقع النزاع جغرافيا من قارتهم، بالتخلي عن هذه المهمة. وصرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الموجود في أديس أبابا أنه يتفهم «إحباط» الاتحاد الإفريقي الذي «استُبعد» حتى الآن عن الملف الليبي، مؤكدا تأييده لمنح المنظمة الإفريقية دورا أكبر. ووعد في هذا الإطار بدعم مبادرة لعقد منتدى للمصالحة اتخذت في نهاية كانون الثاني خلال قمة نظمتها لجنة الاتحاد الإفريقي حول ليبيا في الكونغو برازافيل. وذكر المركز الفكري «مجموعة الأزمات الدولية» أنه على الاتحاد الإفريقي أن يدرج في أولوياته وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق مع الأمم المتحدة لتمول بنسبة 75 بالمئة من مهماته لحفظ السلام التي يوافق عليها مجلس الأمن الدولي.
وقال المركز نفسه في تقرير نشر الجمعة إن «الاتحاد الإفريقي يملك الإرادة والقدرة على القيام بمهمات لمكافحة الإرهاب وحفظ السلام ضرورية للمساعدة في إحلال الاستقرار في دول إفريقية».
لكنه أضاف أن الاتحاد «لا يملك الموارد المالية الضرورية لتقديم دعم ثابت ومتوقع وهذا أمر يمكن أن تؤمنه الأمم المتحدة».
الأزمة الليبية في صلب قمة الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا
التعليقات مغلقة