- -1
هناك أجواء خاصة يعيشها مَنْ يدخلُ في قوائم المؤلِفِين للمرة الأولى .
انه وبمجرد اصدار الكتاب وانزاله الى الاسواق يعتبر نفسه قد دخل التاريخ من أوسع بوّاباته، ذلك أنَّالكاتب يموت ولكنّ الكتاب لا يموت
ونحن اليوم نتداول الكتب التي ألفّها اصحابها قبل قرون عديدة ولكنها بقيت متداولة بَيْننا وأسماء مؤلفيها متداولة بيننا ، فالكتاب اذن هو الصدقة الجارية .. - -2
واذا كانت العادة اليوم أنْ يتم توقيع الاصدار الجديد في حفلٍ خاص تحضره نخبة من المعنيين بشؤون الفكر والثقافة والأدب فان سبعينيات القرن الماضي لم تكن تشهد أمثال تلك الاحتفالات الاّ نادراً . - -3
وفي عام 1970 أصدرت كتابي الاول ( في قضايا الزواج والأسرة ) فقد طبع بمطبعة الآداب في النجف الأشرف ، وكنت يومها منهمكا في دراساتي الفقهية والاصولية في جامعة النجف الأشرف .
لقد كنت أقضي أيام الدراسة في النجف الأشرف وأقضى عطلة نهاية الاسبوع في بغداد .
ومن دون أنْ أبذل أيَّ جهدٍ للتعريف بالكتاب على المستوى الاعلامي جاءت المفاجأة الغريبة :
كانت المفاجأة متمثلةً بانْ يُذكر الكتابُ والكاتبُ في تلفزيون بغداد عبر برنامج خاص هو ( ركن الاسرة) .
لقد كانتْ مُعِدّةُ البرنامج تَذكرُ ضمنَ برنامجها أسماءَالكتب الجديدة الصادرة التي تتناول شيئاً من قضايا الاسرة ، ويأتي الاعلان عفوياً من جهة ، ومجانيا من جهة أخرى مما يزيده حلاوة وعذوبة . - -4
واننا اذ نستذكر هذه الحادثة بتقدير وتثمين يؤسفنا أنْ نشير الى ان الكتاب اليوم اصبح نسيا منسيا ..!!
فقد أعرض عنه عامة مَنْ نُسميهم بالمثقفين فضلاً عن غيرهم ..! - -5
ان انخفاض منسوب العناية بالكتاب في العراق يعتبر مؤشراً سلبيا للغاية في ظل الالفية الثالثة التي جعلت العالم كله بمنزلة القرية الصغيرة والتي لا يحتل فيها غير العلم المكانة المرموقة . - -6
اننا من موقع الحرص على العلم والأدب والمعرفة والثقافة ندعو الى تكثيف الاهتمام بالمطالعة للكتب والمتابعة للاصدارات الجديدة، مواكبةً لروح العصر،ووصولاً الى مرافئ الافادة من عقول وتجارب العلماء والمفكرين والادباء والباحثين والمعنيين بقضايا المعرفة . - -7
ان الأميّة كانت سابقاً تتمثل بعدم القدرة على القراءة والكتابة .
أما الأمية اليوم فأصبحت تعني العزلة عن ما يمورُ به العصر من حراك علمي وثقافي ومعرفة ….
حسين الصدر