في اطار بناء الاستراتيجية الوطنية لصناعة السياحة في العراق
بغداد _ نجلاء صلاح الدين :
عقدت في بيت الحكمة ورشة عمل تحت شعار (افاق النشاط السياحي للنهوض بالاقتصاد العراقي) الذي ترأس الورشة الدكتور صلاح حمزة عبد/ مشرف قسم مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التي تقدمت بها الدكتورة ابتهال خاجيك تكلان مدير عام دائرة التفتيش والمتابعة رئيس هيئة السياحة/ وكالة.
وتعد السياحة أحد الأنشطة الاقتصادية التي تتمتع بأهمية كبيرة في العالم تقوم عليها اقتصاديات كثير من الدول والتي تنطلق من المكانة التي وصلت إليها كصناعة قائمة بذاتها لها مدخلاتها ومخـرجاتها كما يتميز المردود المادي لصناعة السياحة عن غيره من مردودات المرافق الإنتاجية بأنه مردود متفرع ومتشعب تستفيد منه مختلف الأنشطة سواء اقتصادية، اجتماعية، سياسية أو ثقافية.
فهي بذلك واحدة من أهم مصادر الدخل للاقتصاد الوطني للعديد من الدول حيث تمثل أحد أهم مكونات الصادرات الخدمية ذات التأثير الكبير على ميزان المدفوعات كما أنها من الأنشطة التي تسهم بفعالية في زيادة الناتج المحلي الإجمالي وزيادة إيرادات النقد الأجنبي فقد انتقلت الإيرادات السياحية الدولية من 264.1 مليار دولار عام 1990 إلى 852 مليار دولار عام 2009 فهي صناعة متطورة و متعددة الاتجاهات والتشابكات.
وتتباين المعوقات التي تواجه صناعة السياحة بتباين درجات التقدم الاقتصادي والحضاري في دول العالم، وقد واجه القطاع السياحي في العراق عدة عقبات ومشكلات ادت الى تقليص دور السياحة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبالرغم مما يحتويه العراق من موارد ومقومات للنهـوض بواقع السياحة فان صناعة السياحة لم تلق الاهتمام الملموس، وهناك عدد من المعوقات والتحديات التي ماتزال تواجه التنمية السياحية.
اهداف الدراسة
ان توجيه أنظار صانعي القرار لقطاع السياحة وما يحققه من ايرادات هو لدعم الموازنة العامة والاهتمام به كونه احد روافد الاقتصاد في العراق ، والتعرف على الأثار الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة للتنمية السياحية في الاقتصاد القومي بشكل عام ،إضافة الى الوقوف على الاسباب التي حالت دون تحقيق الاستفادة القصوى من الأثار المباشرة وغير المباشرة للتنمية السياحية والعمل على معالجتها والخروج بتوصيات من أجل تعظيم دورها في دعم الاقتصاد القومي العراقي .
كما عرضت خلال الورشة مجموعة من المؤشرات والمخططات موضوع البحث وشارك في الورشة نخبة من المختصين والخبراء الاقتصاديين من جهات مختلفة اثروا الورشة بمداخلاتهم وتعقيباتهم والعمل على وضع جملة توصيات تخرج بها هذه الورشة أهمها.
التوصيات
تتصدر قائمة التوصيات في إعادة تصنيف قطاعات الاقتصاد القومي العراقي ، والتعامل مع القطاع السياحي على انه قطاعاً مستقلاً منفرداً تابعاً للقطاع الرئيس الخدمي .
ونوصي وزارة التخطيط والتعاون الانمائي باجهزتها كافة المختلفة ان تطبق تعليمات الامم المتحدة رقم (4) لسنة 2009 مع ضرورة ادراج انشطة وكالات السفر والسياحة ضمن انشطة القطاع السياحي الاخرى لانها تعد جزءاً لا يتجزأ من النشاط السياحي وتسهم في تكوين الدخل السياحي ولها دور فعال في تسويق الخدمات السياحية .
كما اشارت تلك التوصيات الى ضرورة الإهتمام بالتخطيط للتنمية السياحية وأعداد خطط سنوية وخمسية ، وإنَّ هذه التوصية لا تتعارض مع مبدأ الحرية الإقتصادية ، ولكن من الممكن أن يعمل القطاع العام والمختلط والخاص يدا بيد من اجل النهوض بمستوى التنمية السياحية على وفق أهداف مرسومة وواضحة ومحددة مسبقا تعمل على تنمية القطاع السياحي في العراق والوصول به الى مصاف القطاعات السياحية في البلدان المتطورة سياحيا ،إضافة الى تشكيل جهاز اداري وفني تحت عنوان ( مجلس التخطيط السياحي ) على أن يجتمع هذا الجهاز دوريا كلّ اسبوع لمناقشة ومتابعة أعداد الخطط ونسب الانجاز …الخ .
والتأكيد على الباحثين والمتخصصين بالشؤون السياحية أن يتوخوا الدقة في المصطلحات ذات العلاقة بالدخل السياحي . وان استخدام أي مصطلح او طريقة لاحتساب الدخل السياحي يجب أن تنسجم مع أسس علم الاقتصاد ، ويتحقق ذلك من خلال التثقيف والاطلاع على أدبيات علم الاقتصاد ، وفي هذا الصدد نوصي بزيادة المواد الاقتصادية في المعاهد والكليات المتخصصة بالسياحة والفنادق .
ضرورة العمـل الجماعي المنسق بين الجهـات المعنية بالإحصاء السياحي متمثلـة «وزارة التخطيط والتعاون الانمائي / الجهاز المركزي للإحصاء ،البنك المركزي ، هيئة السياحة» ،من اجل توزيع المهام بينهم لتوفير البيانات اللازمة لاحتساب الدخل السياحي ، وبقية المؤشرات الاحصائية السياحية التي يحتاج اليها البلد .
متطرقين الى الجهـاز المركزي للاحصاء ايضاً باسـتحداث جهاز احصائي جديـد تحت عنـوان ( مديرية الاحصاء السياحي ) وأن يوفر الكادر المتخصص والكفوء لتولي مهمة الاحصاء السياحي في العراق ، واصدار التقارير والنشرات والدوريات الخاصة به ، وتشجيع تجربة القطاع المختلط . وعلى الحكومة ان تبادر للشراكة مع القطاع الخاص وطرح أسهم مشاريع سياحية مقترحة في سوق العراق للأوراق المالية . سيما وان الحكومة تمتلك مساحات كبيرة من الاراضي القابلة للاستثمار السياحي .
فيما تشجع الدراسة تجربة الشركات المساهمة ، وتشجيع الرواد في مجال الاستثمار السياحي لطرح أسهم هذه الشركات في سوق العراق للأوراق المالية من اجل توفير رأس المال اللازم وفي الوقت نفسه اعطاء فرصة للشعب بالمساهمة بالاستثمار السياحي ، لافتة الى التركيز على العامل الأمني لما له من تأثير كبير في التنمية السياحية ، وتوفير الأمن والامان سواء كان للمستثمرين والعاملين أم للسياح المحليين والاجانب .
واقترحت الدراسة بعدم التركيز فقط على تنمية السياحة الدينية ، وإنمّا الاستثمار في شتى المجالات السياحية طالما يكون لها جدوى اقتصادية ، إضافة الى التركيز في التخطيط السياحي على ضرورة استيعاب المزيد من العاملين بهدف الحدّ من البطالة وتفعيل دور السياحة في تكوين فرص عمل كثيرة ، وهذا يتحقق من خلال تفعيل الاستثمار السياحي .
وفي السياق ذاته اكدت على اعادة النظر بالتشريعات والمفردات ومتابعتها لوضع ستراتيجية متطورة تضاهي ستراتيجيات السياحة العالمية.
هذا وحضر الجلسة كل من د.باسل انطوان خبير سياحي واقتصادي والدكتور احمد خلف راضي كلية التربية الجامعة المستنصرية والدكتور مؤيد كمال الدين مستشار اتحاد الغرف التجارية العراقية والدكتور عامر الجواهري استشاري في التنمية الصناعية والاستثمار والدكتور فاروق العنبكي.