استوقفني مقطع لفيديو قصير.. شاهدته مؤخراً على تطبيق “الواتساب”، وجدت هذه المادة جميلة جداً وتستحق التأمل فيها ومراجعة وتحليل محتواها الهادف، لأنها تتناول موضوعاً أو قضية مهمة تمس حياة الكثيرين منا، خصوصاً عدوى الإصابة بمرض اليأس والإحباط والقنوط، سواء نتيجة الظروف التي مررنا بها عبر محطات الحياة أو في ما نعيشه في وقتنا الحاضر من تقلبات ومتغيرات وتداعيات وإحباطات نفسية مع كل “تصريح” أو “تصريخ ” من المحسوبين على الطبقة السياسية، أو نتيجة إقحامنا في موضوعات لا ناقة لنا فيها ولا جمل!
يتضمن هذا الفيديو.. موضوعاً يتناوله الشاب الياباني “شون بوران أهيران” ويتحدث فيه عن ظاهرة تمس حياتنا، وعلى جانب كبير من الأهمية ألا وهي ظاهرة الانكسار والإحباط، وبخلاف ما يؤمن به مجتمعنا وشعب الربيع العربي من أمثال كالمثل القائل: “اللي انكسر ميتصلّحش”، فأن الشعب الياباني الصديق يؤمن بالمثل الذي يقول: “اللي انكسر يتصلّح” بل أفضل من السابق.. كيف..؟
يؤمن الشعب الياباني والكلام لصاحبنا “شون” بإن الأشياء التي تعرّضت للكسر لا بد من أن يعاد تجمعيها وإعادتها الى ما كانت عليه من جديد، فعندما يُكسر طبق أو وعاء في اليابان، سواء من الفخار والزجاج، تتم إعادة تجميعه وملء شروخه أو فراغاته “بالذهب” نعم بالذهب لنصنع خطوطاً ورسوماً بديعة وجميلة تبرز جمال شيء كان مكسوراً أو محطماً !
يسترسل “شون” في حديثه ويقول: “الأشياء التي تعرّضت الى ماضٍ أليم تزيدها الشروخ جمالاً وينطبق هذا الشيء على الإنسان، فكل ما عشتموه وكل الذي ستعيشونه لا يجعل حياتكم أكثر فظاعة حتى وإن كان الأمر يبدو كذلك، يعود الأمر لنا لنملأ شروخ معاناتنا بالذهب ونزينها به، لم تبلغوا بعد مرحلة الجرح الذي لا يعالج ويمكنكم انتشال أنفسكم، كما يمكنكم التعلّم ممّا مررتم به فتصبحون أناساً أفضل بسبب المعاناة التي مررتم بها، يمكنكم إظهار ذنوبكم أو جروحكم بفخر وارتداءها كشارة شرف، كمن يقول للعالم: “تمعّنوا بما مررت به، فبسببه صرت ما أنا عليه اليوم وقد صار بإمكاني الآن تخطي كل العقبات التي تضعها الحياة في طريقي، لم يعش أحد حياة مثالية قط ولن يعيشها أحد قط، يعود الأمر لنا لملء انكساراتنا والفجوات التي تحدثها بالذهب وجعلها تبدو جميلة، لا تخجل ممّا حدث معك لأن ما حدث معك حدث لغاية معينة، لذا فكلّما أنكرناها، وكلّما شكونا منها، وكلّما رفضنا تقبّل ما حدث معنا لن يكون مفيداً لنا، ولكن عندما نتقبّل ما حدث معنا وننظر للجانب المفيد من معاناتنا وما مررنا به فسيكون الأمر بمنزلة إكساءٍ لشروخنا بالذهب، سيكون كتحويل شيء بشع الى شيء ملهِم بديع، وحين يصبح ما مررتم به من جروح وإحباطات مصدر إلهام للغير سيكون للمعاناة التي مررتم بها معنى، فلا تتشبثوا بما فات. سمعت ذات مرة مقولة مفادها: ستتطلب كل مرحلة من حياتك نسخة جديدة منك، لذا يتطلب الأمر منا أحياناً أن نعاني لكي نصير نسخة جديدة من أنفسنا!”
وبعد كل ما قاله الصديق الياباني “شون” نتساءل: هل سمع أحد منكم حديثاً أو تصريحاً مشابهاً من قبل أبطال الفضائيات الذين غزوها في غفلة من الزمن، أو من بعض الذين أصبحوا ماركة مسجلة للبرامج الحوارية المكررة البائسة!
هل من هؤلاء مَن تحدّث في يوم ما عن الأمل والمستقبل والثقة بالنفس..؟ وكيف نملأ انكساراتنا وجروحنا بماء الذهب..؟!
بالتأكيد.. إن الإجابة ستكون أن هؤلاء “الشلة” أو “الشلّلية” من بعض المحسوبين على “الساسة” و”الإعلاميين” هم أبطال بلا منازع في تعميق جراحاتنا بتصريحات ومجادلات ونقاشات وحوارات وتصريحات غير مسؤولة.. تزيدنا إحباطاً وفرقةً وتشرذماً وتشاؤماً واكتئاباً وانكساراً!
• ضوء
من يعرف الله.. يعرف الأمل ولا يعاني الانكسار!
عاصم جهاد